للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو العبّاس بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه: أنّ الله سبحانه وتعالى قال: "أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر ... " الحديث- وقد تقدّم-:

وهذا كثير في الكتاب والسنّة؛ يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به.

ــ

قوله: "قال أبو العبّاس" أبو العبّاس كنية شيخ الإسلام أحمد بن تيميّة.

"بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه: أنّ الله سبحانه وتعالى قال: "أصبَحَ مِنْ عبادي مؤمنٌ بي وكافر فأمّا مَنْ قال: مُطِرْنا بفضل الله وبرحمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب. وأما مَن قال: مُطِرْنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب".

ثم قال أبو العبّاس رحمه الله: "يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به" فكل من أضاف نعم الله إلى غيره فقد كفر نعمة الله، وأشرك به.

وهذا الشرك وكفر النعمة ليس من الكفر والشرك المخرِج من الملّة، إذا كان الإنسان يعتقد أنّ إضافة النعمة إلى الشيء من إضافة المسبّب إلى سببه، وإنّما المنعم هو الله، وأضافها إلى السبب مجرّد مجاز، فهذا كفرٌ أصغر.

أما إذا اعتقد أنّ النعم من إحداث المخلوق ومن صُنع المخلوق، فإنّ هذا كفرٌ أكبر يُخرِجُ من الملّة.

فالواجب أن تُضاف النعم إلى الله سبحانه وتعالى.

فكلّ مَن أضاف النعمة إلى غير الله، فإنّ هذا كفرٌ بالله، إما أنْ يكون كفراً أكبر، وإما أن يكون كفراً أصغر، بحسَب ما يقوم باعتقاد الشّخص وقَرارة نفسه، فليحاسِب الإنسان نفسه عند ذلك.

ومن ذلك: ما يجري على ألسنة بعض الصحفييّن وكثير من الإعلاميِّين الذين ينسِبون الأشياء إلى أسبابها، فيقولون: "المطر ناتج عن انخفاض جويّ، أو عن المناخ" وما أَشبه ذلك. فالذي يُضيف المطر إلى وقته أو إلى الكوكب أو إلى النّوء، فهو من هذا الباب، كما في حديث زيد بن خالد: "أصبَحَ مِن عبادي مؤمنٌ بي وكافر" نعم: المناخ أو الانخفاض الجويّ سبب، لكن الذي ينزِّل المطر ويكوِّن المطر هو الله سبحانه وتعالى، ليس لهذه الأسباب تدخُّلٌ في إيجاد المطر أو إحداث المطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>