ثم مررت بنفر من النصارى فقلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله. قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد.
ــ
من الشيطان الرجيم، ويأتي بالأدعية المشروعة عند النّوم، فإنّ الشيطان يتسلّط عليه، ويكدِّر عليه نومه، ويُريه أشياء باطلة لا حقيقة لها من أجل أن يكدِّره. والسبب: أنه لم يتحصّن بالله من الشيطان قبل النوم.
النوع الثالث: حديث نفس، وذلك أنّ الإنسان يفكِّر في أشياء في اليَقظة، أو تُهِمُّه أشياء، فإذا نام فإنّ هذه الأشياء تَعْرِضُ له في نومِه، لأنّه كان مهتمًّا بها في اليقظة. وهذا حديث نفس ليس له حقيقة، وإنما هو أضغاث أحلام.
قوله:"كأنِّي أتيتُ على نَفَرٍ من اليهود" النفر: الجماعة، واليهود: هم أتباع موسى- عليه الصلاة والسلام- في الأصل. قيل: إنّهم سُمُّوا باليهود نسبة إلى (يهودا ابن يعقوب) ، وقيل: سُمُّوا يهوداً أخذاً من قول موسى: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} يعني: تُبْنا إليك، من (الهَوْد) وهو التّوبة والرُّجوع إلى الله سبحانه وتعالى. هذا في الأصل، ثم صار يُطلق لفظ اليهود على المنتسبين إلى إتِّباع موسى، وإن كانوا قد خالفوه في أشياء كثيرة، وكذبوا عليه، وأَحْدَثوا في دينِه الأشياء القبيحة من الشرك بالله والكلام في حق الله سبحانه وتعالى.
قوله:"قلت: إنكم لأنتم القوم" هذا مدحٌ لهم، لأنهم كانوا في الأصل على دين صحيح.
"لولا أنّكم تقولون: عُزير ابن الله" ينسبون الولد إلى الله سبحانه وتعالى، و"عُزَيْر" اسم رجلٍ منهم، قيل: إنّه نبي، وقيل: إنّه رجلٌ صالح وعالِمٌ من علمائهم.
"لولا أنكم" يعني: لولا هذه المقولة الكافرة فيكم.
"قالوا" ردًّا على الطُّفيل.
"وأنتم لأنتم القوم" يمدحون المسلمين.
"لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد" فيه: أن الإنسان يرى عيب غيره، ولا يرى عيب نفسه، وإن كان عيبه أكبر من عيب غيره. وفيه: قبول الحق ممن جاء به.
قال:"ثم مررت على نفرٍ من النصارى" النصارى: أتباع عيسى عليه السلام في الأصل. قيل: سُمُّوا نصارى نسبةً إلى البَلد (الناصرة) بفلسطين، وقيل: سُمُّوا نصارى من قولهم: {نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ} .