للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن أخنع اسم عند الله رجُلٌ تَسَمَّى: ملك الأملاك، لا مالك إلاّ الله ".

ــ

النّاس يوم القيامة، يقضي بينهم بحكمه: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ} ، فهو الذي يقضي بين النّاس سبحانه وتعالى.

أما القاضي من النّاس فإنه يقضي بين فئاتٍ قليلة من النّاس، لا يقضي بين كلّ النّاس، وإنما يقضي بين عدد قليل محصور، إما في بلد وإما في قضيّة خاصّة، ثم قضاؤه- أيضاً- قد يكون صواباً وقد يكون خطئاً، أما قضاء الله جل وعلا فإنّه لا يكون إلاّ حقًّا وصواباً، ولا يتطرّق إليه الخطأ والنقص جل وعلا.

ففي هذه الكلمة "قاضي القُضاة" تعظيم زائد، ومنحٌ للمخلوق لصفةٍ لا يستحقُّها ومرتبة لا يرقى إليها.

فالمناسب أن يُقال: "رئيس القُضاة"، بمعنى: أنه يُرجع إليه في أُمور القضاء وتنظيماته ومُجرياته.

وكذلك: "ملِك الأملاك"، لأن المُلك المطلق لله عزّ وجلّ، وهو المُلْك الدائم الشامل، أما ملك المخلوق فهو مُلك جزئي ومؤقت.

فالشيخ رحمه الله ترجم بقاضي القُضاة لأن كلمة "قاضي القُضاة" تدخل في "ملِك الأملاك"، فإذا نُهي عن كلمة "ملِك الأملاك" فإنّ "قاضي القُضاة" تأخُذ حكمها، لأنّ كلًّ من اللّفظتين فيهما التعظيم الزائد عن حقّ المخلوق.

وكذلك ملك المخلوق مِنْحَة من الله سبحانه وتعالى، وعاريّة، لم يملك هذا المُلك بحوله ولا قوّته، وإنّما الله هو الذي ملّكه: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦) } ، فالذي يملِّك الملوك هو الله سبحانه وتعالى، هو الذي يعطي الملك لمن يشاء، وينزع الملك ممّن يشاء، أمّا ملك الله جل وعلا فإنّه مُلكٌ حقيقيٌّ عام دائم.

"في الصحيح" يعني: "صحيح مسلم ".

"أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إن أَخْنَع " فسّرها المؤلِّف في آخر الباب: " أَخْنَع" يعني: أَوْضَع" فهذه الكلمة إذا أُطلقت على المخلوق "ملِك الأملاك" فإنّها تكون وضيعةً

<<  <  ج: ص:  >  >>