للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من شهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" أخرجاه.

ــ

إلى النار، كما قال- تعالى- في الآية الأخرى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} لا يضل في الدنيا عن الحق، ولا يشقى في الآخرة، وهذا ضمان من الله سبحانه وتعالى لمن اتبع القرآن أنه لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة.

قوله: " من شهد أن لا إله إلاَّ الله"، يعني: نطق بالشهادة عارفاً لمعناها، عاملاً بمقتضاها، موقناً بها، لأنه لا يكفي التلفظ، بالشهادة من غير معرفة لمعناها، كذلك النطق بالشهادة مع معرفة بمعناها، لكن لا يعمل بمقتضاها، هذا -أيضاً- لا يكفي، بل لابد من النطق والعلم والعمل بمقتضى هذه الكلمة العظيمة، فليست هي مجرد لفظ يردَّدُ على اللسان من غير فهم لمعناها، ولا يكفي العلم بمعناها، بل لابد من العمل بمقتضاها، بأن يُفرد الله بالعبادة، ويترك عبادة ما سواه، هذا معنى "أشهد أن لا إله إلاَّ الله" فإذا لم ينطق بها فإنه لا يحكم بإسلامه، ولو كان يعرفها بقلبه، ولو كان يعبد الله في أعماله، لكنه أبى أن ينطق بالشهادة، فهذا لا يُعتبر مسلماً، حتى ينطق بالشهادة، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلاَّ الله" وكذلك من نطق بها بلسانه ولكنه لا يعتقدها في قلبه، هذا -أيضاً- ليس بمسلم، بل هو منافق، فالمنافقون يقولون: لا إله إلاَّ الله، وهم في الدرك الأسفل من النار، لماذا؟ لأنهم لا يعتقدون معناها، وعُبّاد القبور اليوم يقولون لا إله إلاَّ الله بألسنتهم، لكنهم لا يعملون بمقتضاها، بل يعبدون القبور والأضرحة، ويدعون الأولياء والصالحين، فهم أقرُّوا بها لفظاً، وخالفوها معنىً، فالمشركون جحدوا لفظها ومعناها، والقبوريُّون أقرُّوا بلفظها وجحدوا معناها، هم سواء لا فرق بينهم أبداً، كذلك المنافقون تلفّظوا بها، لكنهم لا يؤمنون بها في قلوبهم -أيضاً- هم سواء، بل هم شر من الكفّار، قال- تعالى-: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>