للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقل: عبدي وأَمَتي. وليقل: فتاي وفتاتي وغُلامي".

ــ

"أطعم ربّك" أي: ناوِلْه الطعام.

"وضِّئ ربّك" أي: ائتِه بالوضوء، أو أعنه على الوُضوء.

ثم بيّن النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللفظ الذي يقوله المملوك لمالكه، وهو: "سيدي ومولاي"، كما بيّن اللفظ الذي يقوله المالك لمملوكه، وهو: "فتاي، وفتاتي وغلامي"، لأن هذه الألفاظ لا محذور فيها، فتكون بدائل للألفاظ المحذورة.

فدلّ هذا الحديث على مسائل:

المسألة الأولى: فيه ما ترجم المصنِّف من أجلِه، وهو عدم جواز قول "عبدي" و"أَمتي لأنّ هذا ورد منصوصاً عليه في الحديث: "لا يقل: عبدي وأمتي".

المسألة الثانية: فيه: أنّ لفظ (الرّبّ) لا يُطلق إلاّ على الله، لأنّه هو الرب سبحانه وتعالى الذي له الربوبيّة على عباده: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) } ، وهكذا لم يَرِد إطلاق لفظ (الربّ) في القرآن إلاّ على الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز استعمالُه لغيره، وإنْ كان المتكلَّم لا يقصد المعنى وإنّما يقصد مجرّد الملكيّة والرِّق، لكن من باب سدّ الذرائع- كما سبق- أما إذا قُيِّد لفظ الرب فإنه يجوز إطلاقه على المخلوق مثل رب الدار، وكقوله تعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} .

المسألة الثالثة: فيه: القاعدة المعروفة وهو سدّ الذرائع التي تقضي إلى المحذور، كلّ ذريعة ووسيلة تُفضي إلى محذور فإنّها ممنوعة، وهي قاعدة عظيمة، تُسمّى عند الأُصولييّن: "قاعدة سدّ الذرائع قد تكلّم عليها بإسهاب الإمام ابن القيِّم في كتابَيْه: "إعلام الموقِّعين" و"إغاثة اللهفان"، وذكر لها تسعة وتسعين مثالاً.

المسألة الرّابعة: في الحديث: دليلٌ على أنّ مَن نهى عن شيء وله بديل صالح فإنّه يأتي بالبديل، لأنّ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمّا نهى عن قول: "عبدي" و"أَمَتِي" قال: "وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي" هذا البديل الصّالح الذي لا محذور فيه، فإذا كان هناك بديل يقوم مقام هذا المنهي عنه فإنّه يُؤتى بالبديل الذي لا محذور فيه، مهما أمكن ذلك.

وسبق لهذا نظائر، وتكرّر لهذا أمثلة في الأبواب السّابقة.

المسألة الخامسة: في الحديث: دليلٌ على جواز لفظ "سيدي ومولاي" بالنسبة

<<  <  ج: ص:  >  >>