للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا من حيث الأفراد، قد يكون في أفراد الإناث من هو خير من كثير من الذكور، أما من حيث الجنس فالذكور أفضل من الإناث، لأنهم يستطيعون من الأعمال ما لا تستطيعه الإناث، ولأن عقولهم أوفى من عقول الإناث، بلا شك، {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ* فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} يعني: تقبل مريم: {بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً} ، نشأت في العبادة والطاعة {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} وفي قراءة: {كَفَلَها} لأن بني إسرائيل اختصموا في مريم أيهم يكفلها، لأنها بنت عالمهم وحَبْرِهِمْ وشيخهم، فهم تنافسوا أيهم يكفل مريم، كما قال تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} عملوا القُرعة أيهم يكفل مريم {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} يعني: أنك يا محمد لم تشهد هذه القرون الماضية وما حصل فيها، ولكن هذا من آيات الله، ومن معجزات هذا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الله أخبره بما جرى كأنه حاضر، وحتى إن بني إسرائيل انبهروا لأنه جاءهم بمعلومات هم لا يعرفونها من أمورهم، وهي مذكورة في كتبهم وتواريخهم، ويعرفها علماؤهم وأحبارهم، فيكون هذا الرسول يحدث بما جرى من قرون طويلة، وهذا من معجزاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه ليس من عنده، فهو أُمّي لا يقرأ ولا يكتب، وإنما هو من عند الله عزّ وجلّ، كما قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} وهذا من العجائب، أنه آخر ما نزل من الكتب ومع هذا يقصُّ أخبار الماضين كما وقعت، وهذا من أعظم معجزات هذا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوقعت القُرعة لزكريا عليه السلام، وكانت خالتها- أخت أمها- تحته، فكَفَلَها زكريا {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ} يعني: المكان الذي تصلي فيه، لأن المحراب معناه: المكان الذي يصلى فيه، فليس المحراب خاصاً بالزاوية التي تكون في المسجد الآن {وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ} هذا من كرامات الأولياء، كان يجد عندها في الشتاء فاكهة الصيف، ويجد عندها في الصيف فاكهة الشتاء، كان هذا يحضره ربه لها إكراماً لها، وهي تصلي في هذا المكان، ولا يتصل بها أحد من الخلق، ثم مع هذا يجد عندها نبي الله هذا الرزق، ثم ذكر قصة زكريا ودعائه لربه، ثم ذكر بقية قصة مريم وحملهما بعيسى {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>