للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: لا تعارض، لأنّ "لو أني فعلتُ كذا وكذا لكان كذا وكذا" هذا من باب الجزع على شيءٍ حصل وانتهى، أما "لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت" فهو إخبارٌ عن المستقبَل لا عن الماضي، وأنّ الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو تبيّن له فضل العُمرة والتّمتّع بها إلى الحج لتمتّع صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولَمَا ساق الهدي، فهو إخبارٌ عمّا يفعله في المستقبَل.

فهذا هو الجمع بين الأحاديث؛ فالرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخبر عن مستقبَل، وأيضاً هو يتمنّى عمل طاعة وعمل قُربة إلى الله سبحانه وتعالى، وليس يتجزّع على شيء فات أو شيء مضى، فلا تعارُض بين هذا وهذا.

وفي الباب مسائل:

المسألة الأولى: وُجوب الإيمان بالقضاء والقدر، وأنّه الركن السّادس من أركان الإيمان، وهو من علامات التّوحيد. وعدم الإيمان بالقضاء والقدر يتنافى مع التّوحيد وهو من علامات النفاق.

المسألة الثانية: يُستفاد من الآيتين والحديث: وُجوب ترك "لو" عند نُزول المصائب والمكروهات، لا يقول: "لو أنّي فعلتُ كذا وكذا ما حصلت هذه المصائب"، بل يقول: هذه المصائب مقدَّرةٌ من الله سبحانه وتعالى، فيرضى بقضاء الله وقدره.

المسألة الثالثة: فيه الحثّ على فعل الأسباب، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احرص على ما ينفعُك".

المسألة الرابعة: فيه النّهي عن الاعتماد على الأسباب ووُجوب الاستعانة بالله تعالى: "واستعن بالله".

المسألة الخامسة: فيه النّهي عن الإهمال والكسل وتعطيل الأسباب.

المسألة السادسة: فيه علة النّهي عن قول "لو" وهو لأنّها تفتح عمل الشّيطان، وأمّا الاستعانة بالله والحرص على ما ينفع وترك التلوُّم بقول "لو" فإنّ هذا يُغلق باب الشّيطان عن الإنسان.

المسألة السابعة: فيه فضل المؤمن عموماً، وأن المؤمن القوي أفضل من المؤمن الضعيف.

المسألة الثامنة: فيه إثبات محبة الله للمؤمنين وأنها تتفاضل بحسب قوتهم وضعفهم في الإيمان وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>