لك شيئاً لحصل ولكنّه لم يقدِّر لك، ولا تدري ما الخيرة فيه، لعلّ الله حبسه عنك لخير أرادَه بك، ربّما أن الإنسان يحرص على شيء لو حصل له لأهلَكه، فالله يمنعه عنه رحمةً به:{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} .
"فلا تقل: لو أنّي فعلتُ كذا لكان كذا وكذا" لا ترجع هذا إلى تقصيرِك، ولكن أرجِعه إلى قضاء الله وقدرِه.
"ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل" يعني: أرجِع هذا إلى قضاء الله وقدره، فالذي منعه عنك ليس هو فعلُك أو تركك، وإنّما الذي منعه عنك هو الله سبحانه وتعالى، ولا تدري لعلّ الله أراد بك خيراً وصرف عنك شرًّا، فارْض بقضاء الله وقدره.
هذا هو شأن المؤمن الذي يؤمن بالقضاء والقدر، أما المنافق وضعيف الإيمان فإنّه إذا أصابَه شيء يكرهُه جزع وتسخّط وقال: هذا بسبب فلان أو هذا بسبب أنّي ما علمت كذا أو كذا. هذا جُحودٌ للقدر، أو عدم إيمان بالقدر، أو ضعف إيمان بالقدر، وما هكذا المؤمن.
فقول:"قدر الله وما شاء فعل" يحلّ عن المسلم مشاكل كثيرة.
ثم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"فإنّ لو" أي: قول: "لو".
"تفتح عمل الشيطان" إذا أرجعتَ هذا إلى غير القضاء والقدر دخل الشيطان، وصار يوسوس لك ويلقي عليك الأوهام ويُلقي عليك القلق النفسي، وتُصبح في همٍّ وغم وحزن، أما إذا أغلقتَ هذا الباب وقلتَ:"قضاءُ الله وقدرُه"، أو "قدَّر الله وما شاء فعل" فإنّك تُغلق باب الشيطان.
فـ "لو" مفتاح لباب الشيطان، و"قدّر الله وما شاء فعل" إغلاق لباب الشيطان، تستريح من شرِّه ومن هُمومه وأحزانِه ووساوسه.
يبقى إشكالٌ وهو: أنّ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابهِ في حجّة الوداع: "لو استقبلْتُ من أمري ما استدبرت لَمَا سُقت الهدي ولأحللتُ معكم وجعلتها عمرة" أليس في هذا استعمال "لو" في شيء تبيّن للرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه فاته وهو فضيلة التمتُّع بالعْمرة إلى الحج؟، ألاَ يتعارض مع قوله:"وإنْ أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلتُ كذا وكذا"؟.