للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وأحبُّ إلى الله" هذا فيه: إثبات المحبّة لله عزّ وجلّ، وأنّه يحبّ المؤمن القويّ. والمحبّة من صفات الله سبحانه وتعالى.

"من المؤمن الضّعيف" الضعيف في إيمانه، وكذلك الضعيف في إرادتِه وتدبيرِه وبدنه، لأنّ نفعَه يكون قليلاً لنفسه ولغيره.

قال: "وفي كلٍّ خير" المؤمن كلُّه خير، المؤمن القويّ والمؤمن الضعيف، كلّهم فيه خير، لكن المؤمن القويّ خيرهُ متعدٍّ إلى غيره، والمؤمن الضعيف خيرهُ قاصرٌ على نفسه لا يتعدّاه.

وقوله: "احرص" بكسر الرّاء، ويجوز الفتح، والحرص معناه: المبالَغة في طلب الشيء.

ومعنى قوله: "احرص على ما ينفعك" يعني: بالغ في طلبهِ، وابذل الوُسع في تحصيلِه، فإنّ النفع مطلوب.

وفي ضمن ذلك النّهي عن الحرص على الشيء الذي لا ينفع.

ثم قال: "واستعن بالله" يعني: لا تعتمد على الحرص فقط ولكن مع الحرص استعن بالله سبحانه وتعالى، لأنّه لا غنى لك عن الله، ومهما بذلْت من الأسباب فإنّها لا تنفع إلاّ بإذن الله سبحانه وتعالى، فلذلك جمع بين الأمرين: فعل السبب مع الاستعانة بالله عزّ وجلّ.

ثم قال: "ولا تعجَزن" بفتح الزاي، ويجوز الكسر، والنون: نون التوكيد الثّقيلة. هذا نهي، نهيٌ عن العجز.

والعجز معناه: الكسل والإهمال، وليس العجز الجسمي، فالإنسان إذا عجز عجزاً جسميّاً لا يؤاخَذ لأنّه لشيء باختيارِه، لكن المراد: عجز الكسل وعجز الإهمال وإيثار الرّاحة هذا هو المنهيّ عنه، لأنّه يفوِّت على المسلم خيراً كثيراً، ولهذا: كان النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستعيذ بالله من العجز والكسل ومن الجُبُن والبُخل ومن غلبة الدَّيْن وقهر الرجال.

ثم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وإنْ أصابك شيءٌ" يعني: ممّا تكره، بعدما تحرص على ما ينفعك وتستعين بالله وتترُك العجز، بعدما تعمل هذه الأسباب إذا أصابك شيء عكس ما تُريد وعكس ما تطلُب فلا تجزع واعلم أنّ هذا بقضاء الله وقدره، وأنّ الله لو قدّر

<<  <  ج: ص:  >  >>