وفي "الصحيح" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "احرص على ما ينفعك، واستعِن بالله ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قُل: قدّر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان".
ــ
سمّاهم إخوانهم؟، هل يكون المؤمن أخاً للمنافق؟، هذا حسَب الظّاهر، لأنّ المنافق في الظّاهر مؤمن، فهي أُخوّة بحسَب الظّاهر، لأنّ المنافق يعامَل معاملة المؤمن في الظّاهر، وتوكَل سريرَته إلى الله سبحانه وتعالى، فهو سمّاهم إخوانهم بحسب ما أظهروا من الإيمان.
وقيل: إخوانهم في النّسب؛ لأنّ عبد الله بن أُبيّ من قبيلة الأنصار ومن أهل المدينة فهم إخوانهم في النّسب، والله أعلم.
وقد ردّ الله عليه بقوله:{قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} إذا كنتم تزعمون أنكم تمنعون الموت من هؤلاء فامنعوه عن أنفسكم.
{قُلْ فَادْرَأُوا} أي: امنعوا، {عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} من أنهم لو كانوا عندكم ما ماتوا وما قتلوا.
الشّاهد في قوله:{لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا} ، هذا فيه استعمال {لَوْ} في مقام الجزع والتسخُّط وعدم الإيمان بالقدر، فالموت الذي حصل عليهم- بزعمه- ليس هو بقضاء الله وقدره وإنّما هو بسبب الخُروج، وأنّ البقاء في المدينة سببٌ للسلامة، ولا يرجِع هذا إلى القضاء والقدر، والسلامة والقتل كلاهما راجع إلى القضاء والقدر سواء بقوا في المدينة أو خرجوا إلى أُحد، فمن كتب الله أنّه يموت فإنّه سيموت في المدينة أو في أُحد، ومن كتب الله أنّه يبقى فسيبقى سواءً في المعركة أو في المدينة، فالأمر راجع إلى قضاء الله وقدره.
قال:"وفي الصحيح" يعني: في "صحيح مسلم".
قوله:"المؤمن القويّ" المراد بالقويّ هنا: قوّة الإيمان أي: القويّ في إيمانه، وكذلك القويّ في بدنه ورأيِه وتدبيرِه، فالقوّة تشمل قوّة الإيمان، وهذا هو الأصل والأساس، وقوّة الرأي والتدبير، وقوّة البدن أيضاً، لأنّه ينفع بقوّته، ينفع نفسَه وينفع غيرَه، فنفعُهُ يكون متعدِّياً، فهو "خيرٌ" أفعل تفضيل، يعني: أكثرُ خيراً.