للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عبادة بن الصامت؛ أنه قال لابنه: يا بني، إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.

ــ

وعلينا العمل بطاعة الله وامتثال أمره واجتناب نهيه. هذا الذي كلّفنا به، ولم نكلّف بالبحث عن القدر، ولا نترك العمل ونقول: ما قُدّر لنا فسيحصل.

لذلك لَمّا أخبر النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّ كلّ أحد مقرّرٌ مكانه من الجنّة أو من النّار قالوا: يا رسول الله إلاَ نتكل على كتابنا؟، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اعملوا فكلّ ميسّر لِمَا خُلِق له"، وأنزل الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠) } .

فأنت المطلوب منك: العمل والإيمان بالقضاء والقدر، وأنت قادرٌ على العمل، وممكّنٌ من العمل، فعليك أن تعمَل الخير وتترك الشّر، وتتوب من السيّئات وتكثر من الحسنات، هذا المطلوب منك، أمّا البحث في هذه الأمور التي لا يعلمها إلاّ الله سبحانه وتعالى والدّخول في هذه المخاصمات فهذا يؤدِّي إلى الضّلال ويؤدِّي إلى التِّيه، لأنّ الله سبحانه وتعالى لم يطلُب منّا هذه الأشياء، وإنّما أمرنا بالعمل، هذا الذي أمرنا الله به، أمرنا بالإيمان وأمرنا بالعمل، هذا المطلوب من المسلم.

قوله: "وعن عُبادة بن الصّامت" الصحابي الجليل، من السّابقين الأوّلين إلى الإسلام، وأحد النقباء المعروفين.

"أنه قال لإبنه" وهو الوليد بن عُبادة بن الصامت قال له ذلك عند وفاته لما قال له ابنه الوليد: يا أبت أوصني، فقال: أقعدوني، فأقعدوه، فقال هذا الحديث في القدر.

"يا بني" (يا) : هذه حرف نداء، و (بُني) تصغير (ابن) ، وذلك من أجل العطف والشَّفقة، مثل قول لقمان: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ، فالأب يوصي أولاده بتقوى الله عزّ وجلّ، وبالتمسّك بالدين والعقيدة، هذا من واجب الآباء نحو أبنائهم، أن يوصوهم بتقوى الله وبإصلاح العقيدة وبالتمسُّك بالدين والأخلاق الفاضلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>