للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا بني، سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من مات على غير هذا فليس مِنِّي ".

ــ

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنّ أوّل ما خلق الله القلم" يدلّ بظاهره على أنّ القلم أوّل المخلوقات، ولكن هناك أحاديث تدلّ على أنّ العرش هو أوّل المخلوقات مثل حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألفَ سنة وكان عرشُه على الماء"، وكذلك في حديث عِمران بن حُصين في "الصحيحين" وغيرهما ما يدلّ على أنّ أوّل المخلوقات هو العرش، وهذا الحديث دلَّ على أن أوّل المخلوقات هو القلم، فكيف الجمع بين الأحاديث؟.

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأوّل: أنّ أوّل المخلوقات هو العرش، وأنّ القلم خُلق بعده، فيكون قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنّ أوّل ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب" " أن الكتابة متعقِّبة لخلق القلم، فهي جارية من أوّل ما خلق الله القلم.

والقول الثّاني: العمل بظاهر هذا الحديث، وأنّ القلم هو أوّل المخلوقات مطلقاً، قبل العرش، لأنّ هذا هو ظاهر هذا الحديث، وهذا قولٌ لجمعٍ من أهل العلم.

ولكن الراجح الذي رجّحه شيخُ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم وغيرُها هو: أنّ العرش هو أوّل المخلوقات، وأنّ القلم بعده١.

ثم قال عُبادة رضي الله عنه: "يا بُني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من مات على غيرِ هذا فليس مِنِّي" " من مات على غير الإيمان بالقضاء والقدر ولم يتب إلى الله سبحانه وتعالى قبل موته فإنّ محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بريءٌ منه. فهذا وعيدٌ شديد حيث تبرّأ منه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


١ قال ابن القيم:
والنّاس مختلفون في القلم الذي ... كتب القضاء به من الديان
هل كان قبل العرش أو هو بعده ... قولان عند أبي العلا الهمذاني
والحق أن العرش كان قبل لأنه ... وقت الكتابة كان ذا أركان

<<  <  ج: ص:  >  >>