للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن سلمان: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أُشيمط زانٍ، وعائل مستكبر، ورجل جعل اللهَ بضاعته، لا يشترى إلاّ بيمينه، ولا يبيع إلاّ بيمينه" رواه الطبراني بسند صحيح.

ــ

الكسْب إمّا بأن تُزيل البركة منه، ولو بقي، ولا ينتفع به صاحبه، وإمّا بأن تُزيل أصل المال بالتلف والآفات، فلا يبقى عنده هذا الكسب بل يمحقُه الله كما قال تعالى: {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} ، فالمحق قد يكون معنوياً بمعنى محْقِ البركة من المال، فلا يكونُ مباركاً على صاحبه ولا ينتفع به ولا يتصدّق منه.

وقد يكون محقاً حسيًّا بأن يُتلف الله المال بآفةٍ، أو بسرقة، أو بنهب، أو بتسلُّط ظالم، أو غير ذلك.

"للكسب" الكسب الذي يكسبه بسبب اليمين التي هي ليس بارًّا فيها ولا صادقاً، يسِّبْ ذلك محق مالِه، مع ماله عند الله من العُقوبة الآجلة في الدّار الآخرة- كما يأتي في الحديث الذي بعده.

"أخرجاه" أي: أخرج هذا الحديث الإمام البخاري ومسلم في "صحيحيهما"، فهو متّفقٌ عليه، وهذا أعلى ما يكون من درجات الصحّة.

قوله: "وعن سلمان " هو: سلمان الفارسي: الصحابي الجليل.

"أن رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ثلاتةٌ" مبتدأ.

"لا يكلِّمهم الله" إلى آخره، خبر المبتدأ، والمعنى: لا يكلّمهم الله يوم القيامة كلامَ تكريم وتنعيم، فهم يُحرمون من كلام الله عزّ وجلّ لهم يوم القيامة، وقد جاء في الحديث: "ما منكم من أحد إلاّ سيكلّمه ربُّه، ليس بينه وبينَه ترجُمان"، أمّا هؤلاء فلا يكلّيهم الله غضباً عليهم، فيحرمهم الله من هذه النعمة العظيمة.

فهذا فيه: إثبات الكلام لله عزّ وجلّ، وأنّ الله يكلِّم عبادَه، ويتكلّم بما شاء من أمرِه سبحانه وتعالى.

والكلام من صفاته سبحانه، وهو من صفات الأفعال التي يفعلُها إذا شاء سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>