للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "قال موسى عليه السلام: يا رب، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به. قال: قل يا موسى: لا إله إلاَّ الله. قال: يا رب، كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى، لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلاَّ الله في كفة؛ مالت بهن لا إله إلاَّ الله". رواه ابن حبان والحاكم، وصححه.

ــ

قوله: "وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه " هو سَعْدُ بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي، صحابي جليل، وأبوه صحابي.

"عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قال موسى: يا رب، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به" طلب من ربه أن يعلمه كلاماً يعظّمه به، ويطلب منه به حاجاته، ويتوسل به إليه.

"قل يا موسى: لا إله إلاَّ الله" أي: لا معبود بحق إلاَّ الله.

"قال" أي: موسى، "يا رب، كل عبادك يقولون هذا" أي: وإنما أريد شيئاً تخصني به من بين عموم عبادك.

"قال" أي: الرب سبحانه وتعالى مبيناً لموسى وغيره فضل هذه الكلمة على غيرها من ألفاظ الذكر، "لو أن السماوات السبع" أي: الطباق، "وعامرهن" أي: من فيهن من العمّار "غيري" أي: غير الله سبحانه، لأنه سبحانه في السماء. ففيه دليل على إثبات العلو "والأرضين السبع" أي: ومن فيهن من السكان. وفيه أن الأرض سبع طباق كالسماء، "في كِفَّة" أي: إحدى كفتي الميزان، "ولا إله إلاَّ الله في كفة" أي: في الكفة الأخرى، "مالت بهن لا إله إلاَّ الله" أي: رجحت بالسماوات السبع ومن فيهن غير الله، وبالأرضين السبع ومن فيهن، وذلك لما اشتملت عليه هذه الكلمة من نفي عبادة غير الله، وإثبات العبادة لله، وتقرير التّوحيد، وإبطال الشرك.

ففي هذا الحديث: فضل لا إله إلاَّ الله، وأنها أفضل الذكر، وأنه لابد من الإتيان بها كلها، وما فيها من النفي والإثبات، وأنه لا يكفي الإتيان بلفظ الجلالة (الله) أو لفظ (هو هو) كما تفعله الصوفية الضلاَّل. وفيه أن الذكر وغيره من أنواع العبادة توقيفي، لأن موسى عليه السلام طلب من ربه أن يعلمه شيئاً يذكره به، فيه أن لا إله إلاَّ الله ذكر ودعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>