للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهما في حديث عتبان: "فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلاَّ الله؛ يبتغي بذلك وجه الله".

ــ

بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفروا بعيسى، لأنه بشرهم بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمعنى هذا: أنهم كذبوا نبيّهم عيسى الذي يزعمون أنهم آمنوا به، والرسل كلهم يصدِّق بعضهم بعضاً، ويؤمن بعضهم ببعض، فالرسل- عليهم الصلاة والسلام- سلسلة واحدة من أولهم إلى آخرهم، أولهم يُبشر بلاحقهم ومتأخرهم، وآخرهم يصدِّق بأولهم ويؤمن بأولهم، فهم سلسلة واحدة، ولهذا يقول جل وعلا في سورة الشعراء: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) } مع أنهم ما كذبوا إلاَّ نبيهم فقط، لكن لما كذبوا نبيهم كذبوا جميع المرسلين، كما قال تعالى: {) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} إلى قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً} .

قوله: "أخرجاه" أي: "البخاري ومسلم في صحيحيهما.

وقوله: "ولهما" أي: البخاري ومسلم.

"في حديث عتبان" هو عتبان بن مالك الأنصاري، صحابي مشهور رضي الله عنه.

"حرّم على النار" التحريم: المنع، أي: منعه من دخول النار، أو منع النار أن تمسه.

"من قال: لا إله إلاَّ الله" أي: نطق بها بلسانه وأعلنها.

"يبتغي بذلك" أي: بقوله لها ونطقه بها.

"وجه الله" أي: مخلصاً له بها، لم يقلها رياءً ولا سمعةً ولا نفاقاً، بل يعتقد ما دلّت عليه من إفراد الله بالعبادة، وترك عبادة ما سواه، واعتقاد بطلانها، والبراءة منها ومن أهلها.

فدل هذا الحديث: على أنه لا يكفي مجرّد النطق بلا إله إلاَّ الله من غير معرفة لمعناها، وعمل بمقتضاها، واعتقاد لمدلولها.

<<  <  ج: ص:  >  >>