للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشخص في حضورِه ومواجهته، ويجوز إطلاقُه عليه وهو غائب، لأنّ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنّما استنكر هذا لَمّا واجهوه به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيُمنع مواجهة الإنسان بقول: (أنت السيِّد) ، (أنت سيِّدنا) أو ما أشبه ذلك خوفاً عليه من الإعجاب بنفسه، كما نهى النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مدح الإنسان حال حضوره.

هذا حاصل الأقوال في هذا المسألة.

تنبيه: الآن لفظ (السيِّد) صار يطلق على من يُعتقد فيهم النفع والضر، مثل من يسمّونهم السادة من أهل البيت أو السادة من الصوفية، وصار يصحب هذا القول اعتقاد في الأشخاص، وهذا لا شكّ في تحريمه.

فإذا أُطلق (السيِّد) على مثل هؤلاء فإنّه محرَّم، لأنّه ينبئ عن اعتقاد باطل وشرك بالله عزّ وجلّ، وأنّ هؤلاء ينفعون ويضرّون وتحلّ البركة منهم.

المسألة الثالثة: فيه ما عقد المصنِّف هذا الباب من أجله، وهو حمايته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمى التّوحيد وسدّه الطرق التي تُفضي إلى الشّرك، حيث إنّه منع من وصفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسيادة وبالفضل وبالطَّوْل من أجل سدّ الوسيلة إلى الغلو وإلى الشرك، ففيه: شاهد للترجمة.

الفائدة الرّابعة: فيه المنع من الغلوّ في مدحه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواءً في النثر أو في الشِّعر، والشِّعر أشد، لأنّ الشعر يُحفظ ويُرغب فيه أكثر من النّثر، وبعضهم إذا جاء لزيارة قبر النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقف ويدعو النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغفر، ويقول: جئتك تائباً يا رسول الله، يا حبيب الله جئتك تائباً وما أشبه ذلك من الغلو، لأنّ التوبة إلى الله سبحانه وليست إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>