للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثانية: في الحديث النّهي عن وصف الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسيّ‍د، وهذا فيه إشكال عند أهل العلم: حيث إنّه أنكر على من قال له: "أنت سيِّدُنا"، وقال " السيِّد الله".

بينما جاءت أحاديث أخرى فيها إطلاق السيِّد عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى غيره، فقد صحَّ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنّه قال: "أنا سيِّد ولد آدم ولا فخر"، وقال في الحسن بن علي رضي الله عنهما: "إن ابني هذا سيِّد، وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين"، وقال: "الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنّة"، ولما جيء بسعد بن معاذ رضي الله عنه عام الخندق، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأنصار: "قوموا إلى سيِّدكم".

فالعلماء اختلفوا في الجواب على ثلاثة أقوال:

القول الأوّل: تحريم إطلاق لفظ (السيِّد) على المخلوق، فلا يقال السيِّد إلاّ في حقِّ الله سبحانه وتعالى، كما جاء في هذين الحديثين: "السيِّد الله" وهذا مرويٌّ عن الإمام مالك رحمه الله.

وأجابوا عن الأحاديث المخالفة بأنها أحاديث متقدّمة، وحديث: "السيِّد الله" متأخر لأنّه كان في عام الوفُود في السنّة التاسعة، فيكون ناسخاً للأحاديث التي تدلّ على جواز إطلاق لفظ (السيِّد) على المخلوق.

القول الثّاني: جواز إطلاق السيِّد على المخلوق عملاً بالأحاديث التي فيها ذلك: "أنا سيِّد ولد آدم"، "إن ابني هذا سيِّد"، "قوموا إلى سيِّدكم"، فيجوز إطلاق لفظ السيد على المخلوق كما في هذه الأحاديث.

وأجابوا عن حديث المنع بأنّه محمولٌ على كراهة التنزيه، فيكون النّهي للتنزيه.

والقول الثالث: الجواز مطلقاً بلا كراهة، إلاّ إذا خيف من الغلو، فإنّ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاف عليهم من الغلو، كما في الحديثين المذكورين، فإذا خيف على الإنسان من الغلو يُنهى عن ذلك، أمّا إذا لم يُخفْ عليه من الغلو فلا بأس عملاً بالأحاديث الكثيرة التي جاء فيها إطلاق السيد على المخلوق.

وهناك قولٌ رابع ألمح إليه المشايخ، وهو: أنّه لا يجوز إطلاق السيِّد على

<<  <  ج: ص:  >  >>