للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإني أدعي الاجتهاد، وإني خارج عن التقليد.

«وإني أدعي الاجتهاد» ، يعني: يقولون عنه أنه يدعي أنه مستقل في الاجتهاد، يضاهي الأئمة الأربعة، وهذا كذب، فالشيخ حنبلي، ولكنه لا يتعصب لمذهب إمامه، وإنما يأخذ ما ترجح بالدليل ولو كان في غير مذهب إمامه؛ لأنه يريد الحق، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وغيرهما من المحققين، فهم لا يتعصبون وإنما يأخذون بما قام عليه الدليل، لكن لا يخرجون عن المذاهب الأربعة التي هي مذاهب الأئمة، التي درست وعرفت وحررت، وتوارثها المسلمون جيلا بعد جيل، فهو لا يدعي الاجتهاد المطلق، يعني: لا يدعي أنه في مصاف الأئمة الكبار: كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والأوزاعي، ولكنهم يكذبون عليه.

قوله: «خارج عن التقليد» وهو قبول قول العالم بدون معرفة دليله، والتقليد على قسمين:

الأول: تقليد أعمى بأن يتعصب لقول العالم ولو كان مخالفا للدليل، فهذا يخرج عليه الشيخ محمد وغيره.

الثاني: التقليد بالحق، كأن تأخذ قول العالم إذا وافق الدليل، فهذا تقليد بحق، وهذا اتباع لأهل الحق، يسمونه تقليدا، أو يسمونه اتباعا، فالمعنى واحد، يوسف عليه السلام يقول: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف: ٣٨] ، هذا اتباع الحق، {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة: ١٠٠] ،فهذا يسمى اتباعا، فمن كان على الحق، فنحن نتبعه.

<<  <   >  >>