للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا محيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور.

كذلك أيضا يؤمن الشيخ – وأهل السنة والجماعة يؤمنون – أنه لا محيد للإنسان عن القضاء والقدر الذي قدره الله سبحانه وتعالى، خلافا للمعتزلة الذين يقولون: العبد يستطيع أن يفعل، وليس لله عليه إرادة ولا سيطرة.

وأهل السنة يقولون: إنه يقدر سبحانه وتعالى على العبد امتحانا وابتلاء لأجل أن يثيبه أو يعاقبه، وقد يقدر الأشياء على العبد عقوبة له، فالعبد يفعل الأسباب، والله - جل وعلا – يرتب الأسباب نتائجها، فإن فعل أسبابا طيبة رتب الله عليها نتيجة طيبة، وإنه فعل أسبابا محرمة رتب الله عليها نتيجة سيئة؛ كما قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: ٥ - ٧] .

فالسبب من قبل العبد، والنتيجة من قبل الله سبحانه وتعالى، وهو يثيب أهل الطاعة وييسرهم لليسرى ويعينهم، ويعاقب أهل المعصية، فيتركهم يتمكنون من هذه الأفعال عقوبة لهم؛ لأجل أن يؤاخذهم ويعاقبهم بسبب نياتهم الخبيثة، وبسبب تصرفاتهم، {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: ٨ - ١٠] ، العبد هو المتسبب، والله يقدر عليه نتيجة لعمله هو ونيته هو، إما ثوابا وإما عقابا؛ ولهذا سأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بين لهم أن كل شيء بقضاء الله وقدره، «قالوا: يا رسول الله ألا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له» . فأنزل الله هذه الآيات:

<<  <   >  >>