للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جوابي عن هذه المسائل أن أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم. وقبله من بهت محمدا صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم عليهما السلام ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب وقول الزور، قال تعالى {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النحل: ١٠٥] ، بهتوه صلى الله عليه وسلم بأنه يقول: إن الملائكة وعيسى وعزيرا في النار، فأنزل الله في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠١] .

هذه المسائل التي افتروها، قال رحمه الله في جوابه عنها: «سبحانك هذا بهتان عظيم» كل ما قيل في هذه الكلمات فهو بهتان عظيم لم يقله الشيخ، وهو منه بريء، رحمه الله رحمة واسعة.

وقوله: «قبله من بهت محمدا صلى الله عليه وسلم» ، «قبله» يعني: قبل ابن سحيم، من بهت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكفار والمشركين، فلي أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم إذا بهتني ابن سحيم، فالرسول صلى الله عليه وسلم بهت بما هو أعظم من هذا.

قالوا في الرسول: «أنه يسب عيسى بن مريم» وذلك لما نزل عليه قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: ٩٨] ، قالوا: محمد يسب عيسى وأمه؛ لأن عيسى عبد من دون الله فمعناه أنه يلقى في النار، {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} [الزخرف: ٥٨] ، يعنون عيسى عليه السلام، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء: ١٠١، ١٠٢] ، فالآية فيمن عبد وهو راض، وعيسى لم يرض ولم يأمرهم بعبادته، بل أمرهم بعبادة الله عز وجل، {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}

<<  <   >  >>