وإني أكفر من توسل بالصالحين، وإني أكفر البوصيري لقوله: يا أكرم الخلق، وإني أقول: لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها.
قوله:«أني أكفر من توسل بالصالحين» ، هذا الحكم على الإطلاق ليس بصحيح، فالتوسل فيه تفصيل: إن كان يصرف شيئا من العبادة لمن يتوسل به؛ كعباد القبور الذين يذبحون للأموات، وينذرون لهم، ويستغيثون بهم، فهذا شرك أكبر؛ لأنه عبادة لغير الله، أما إن كان لا يصرف لهم شيئا من العبادة، وإنما يتوسل إلى الله بهم، أي: بواسطتهم، فهذه بدعة، وليست كفرا، كالسؤال بالجاه، أو بحق فلان، أو بنبيك، أو بعبدك فلان من غير أن يصرف له شيئا من العبادة، وإنما جعله واسطة بينه وبين الله في قبول دعائه، فهذه بدعة؛ لأن الله أمرنا بدعائه بدون اتخاذ واسطة بيننا وبينه.
فقولهم: إن الشيخ يكفر بالتوسل مطلقا، هذا كذب؛ لأن الشيخ يفصل في هذا.
وقوله:«وأني أكفر البوصيري لقوله: يا أكرم الخلق» ، هذه مسألة تكفير المعين؛ كأن الشيخ لا يرى تكفير المعين، والبوصيري كلامه كفر؛ كقوله يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ... محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم