هذا عام في أوقات النهي وفي غيرها؛ لأنها من ذوات الأسباب. بينما الجمهور يقولون: وقت النهي لا يصلى فيه، لا تحية المسجد ولا غيرها من النوافل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ونهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، فقدموا عموم النهي على عموم الأمر، فمن أخذ بهذا القول فإنه لا ينكر عليه، ومن أخذ بالقول الأول فلا ينكر عليه؛ لأن كلا له مستند، وهذه مسائل اجتهادية لا يجوز فيها التعادي، فالصحابة يختلفون – وهم إخوة - في المسائل الفرعية.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الأحزاب وجهز الصحابة لغزو يهود بني قريظة فقال:«لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» ، بعض الصحابة قال: مقصود الرسول صلى الله عليه وسلم المبادرة، وليس المقصود ألا نصلي إلا عندما نصل بني قريظة. فصلوا في الطريق، والبعض الآخر قالوا: الرسول يقول: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» ، فأخروا العصر إلى أن وصلوا إلى بني قريظة، فلما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الفريقين؛ لأن كل واحد منهم له مأخذ من الدليل، فالاجتهاد من هذا النوع لا إنكار فيه، ولا يقال: إنه نقمة، بل يقال: إنه اجتهاد وبحث عن الحق.