هذه مسألة الكفر والإيمان لأصحاب الكبائر من أهل الإيمان، من حصل منه كبيرة دون الشرك؛ كالزنا والسرقة وشرب الخمر، وغير ذلك من الكبائر التي هي دون الشرك.
الخوارج كفروه، وقالوا: يخرج من الإسلام إلى الكفر – والعياذ بالله – ويستدلون بآيات من القرآن، آيات متشابهة لا يردونها إلى الآيات المحكمة، مثل قوله:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}[الجن: ٢٣] . استدلوا بهذا على أن كل من عصى الله فهو في نار جهنم خالدا فيها أبدا، وأنه كافر، فيكفرون السارق والزاني وشارب الخمر، كل مرتكب كبيرة يكفرونه، ويخرجونه من الإسلام، ويخلدونه في النار إذا مات ولم يتب.
هذا مذهب الوعيدية، لماذا سموا بالوعيدية؟ لأنهم أخذوا بآيات الوعيد وتركوا آيات الوعد التي فيها وعد الله بالمغفرة والتوبة، مثل قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨] ، فالله أخبر أنه لا يغفر للمشرك الشرك الأكبر، وأنه يغفر ما دون الشرك، ويدخل في ذلك جميع المعاصي، هذا وعد من الله - جل وعلا -.
وهذا أخذ به المرجئة الذين يقولون: إن صاحب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان، فقالوا: لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وسموا مرجئة؛ لأنهم أرجؤوا؛ أي أخروا الأعمال عن مسمى الإيمان، وقالوا: الإيمان هو التصديق بالقلب.
وهم مع هذا أربع طوائف:
الأولى: مرجئة الفقهاء، من الكوفيين والأحناف الذين يقولون: