بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١] ، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته.
المؤلف – رحمه الله تعالى – يعتقد ما دلت عليه هذه الآية؛ لأنها ميزان في جميع الأسماء والصفات {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} في أسمائه وصفاته، وإن كانت أسماؤه تشترك مع أسماء المخلوقين في ألفاظها ومعانيها لكن لا تشبهها في حقيقتها وكيفيتها، فالاشتراك في اللفظ وأصل المعنى لا يقتضي الاشتراك في الحقيقة والكيفية؛ كما قال تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} في هذا رد على المعطلة، فنفى عن نفسه المثلية، وأثبت لنفسه الأسماء والصفات، السمع والبصر، فدل على أن إثبات الأسماء والصفات لا يقتضي التشبيه. وقوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} هذا فيه نفي {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} هذا فيه إثبات، نفى عن نفسه المثلية، وأثبت لنفسه الأسماء والصفات.
وقوله:«لا أنفي عنه ما وصف به نفسه» ؛ كما فعلت المعطلة.
وقوله:«لا ألحد» ، الإلحاد في اللغة هو: الميل، والإلحاد في الأسماء والصفات هو: الميل بها عن مدلولها إلى مدلول باطل؛ كتفسير الوجه بالذات واليد بالقدرة أو النعمة، وهكذا. هذا تحريف للكلم عن مواضعه، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}[فصلت: ٤٠] ، {يُلْحِدُونَ} يعني: يميلون بها إما بجحدها كما فعلت المعطلة، وإما بتشبيهها بصفات خلقه كما فعلته الممثلة، وإما بالزيادة عليها شيئا لم يثبته الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وإما بجعلها أسماء للأصنام كاللات والعزى ... إلى آخره.