قوله:«منه بدأ» يعني: نزل من الله – جل وعلا – حيث تكلم الله به حقيقة، وسمعه منه جبريل، ونزل به إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وبلغه محمد صلى الله عليه وسلم لأمته، فهو كلام الله حقيقة لا مجازا. وأما قوله:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}[التكوير: ١٩، ٢٠] يعني: جبريل عليه السلام، وقوله:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ}[الحاقة: ٤٠، ٤١] ، يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم. أضافه إلى الرسول البشري تارة، وإلى الرسول الملكي تارة، وأضافه إلى نفسه سبحانه وتعالى تارة.
فيقال: الكلام إنما يضاف إلى من قاله مبتدئا، وأما إضافته إلى جبريل أو إلى محمد فهي إضافة تبليغ، ولا يمكن للقول الواحد أن يقوله عدة قائلين أبدا، فدل على أنه كلام الله، ولكن أضافه إلى جبريل وإلى محمد في قوله:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} إضافة تبليغ، والكلام إنما يضاف إلى من قاله مبتدئا، لا إلى من قاله مبلغا مؤديا.
فهذا هو الجواب عن هذه الشبهة التي يتعلقون بها.
قوله:«وإليه يعود» ، إشارة إلى ما يكون في آخر الزمان حينما يرفع القرآن، ويؤخذ من صدور الرجال ومن المصاحف، ولا يبقى له أثر، وذلك من علامات الساعة، فكما أنه نزل منه فإنه يرفع في آخر الزمان ويعود إليه سبحانه وتعالى، ولا يبقى في الأرض قرآن.
قوله:«تكلم به حقيقة» ، هذا رد على الذين يقولون: أنه تكلم به