لما كان من أصول وأركان الإيمان: الإيمان بالكتب التي أنزلها الله على رسله لأجل هداية العباد، والحكم بينهم فيما اختلفوا فيه، وإقامة الحجة عليهم؛ كما قال تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}[البقرة: ٢١٣] ، وقال تعالى لنبينا محمد – عليه الصلاة والسلام -: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}[النساء: ١١٣] ، وقال:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}[النساء: ١٠٥] ، وقال:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل: ٤٤] .
فلما كان القرآن المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم كلام الله؛ كغيره من الكتب الإلهية، وأن الإيمان بذلك ركن من أركان الإيمان الستة، وهذا أمر لم يختلف عليه المسلمون – ولله الحمد – ولكن نبتت نابتة بعد انقضاء القرون المفضلة على يد الجعد بن درهم الذي تلقى عقيدته عن اليهود، تقول: إن القرآن مخلوق؛ لأن الله لا يتكلم - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا – وإنما إضافة الكلام إليه إضافة مجازية؛ لأنه خلق الكلام في غيره، فخلقه الله في اللوح المحفوظ، أو في جبريل، أو في محمد صلى الله عليه وسلم.
ويا سبحان الله!! كيف يضاف الكلام إلى غير من تكلم به؟
العقول لا تقر هذا. فهذا محال في العقول، وغرضهم من ذلك أن يبطلوا الاحتجاج بالقرآن، وأن يقولوا: ليس عند الناس كلام لله عز وجل، القرآن الذي هو أول الأدلة، فأول الأدلة: القرآن ثم السنة، ثم الإجماع،