للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم القياس، فإذا قيل: إنه ليس لله كلام بين الناس، بماذا يستدل الناس؟ إذا أبطلوا الأصل الأول بطلت بقية الأصول وبهذا يقضى على الإسلام بهذه الطريقة، وشبهتهم يقولون: ننزه الله من أنه يتكلم؛ لأنه لو وصفناه بأنه يتكلم شبهناه بالخلق، فنحن ننزه الله عن ذلك. فجاؤوا من طريق تنزيهه بزعمهم، وفي الحقيقة أنهم فروا من التشبيه الذي زعموه إلى تشبيه أقبح، فإذا نفوا عنه الكلام لئلا يشبه بالمتكلمين من الخلق، فقد شبهوه بالجمادات التي لا تنطق، وهذا نقص أعظم.

ولذلك حكم أئمة أهل السنة بكفر الجهمية، قال الإمام ابن القيم:

ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدان

خمسون في عشرة يعني خمسمائة عالم حكموا بكفر الجهمية؛ لأنهم نفوا كلام الله سبحانه. ولذلك خالد بن عبد الله القسري قتل الجعد بن الدرهم لأجل هذه المسألة، في يوم عيد الأضحى فقال: «أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بالجعد بن درهم؛ فإنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليما، ولم يتخذ إبراهيم خليلا» . ثم نزل وذبحه تحت المنبر في مشهد من العلماء والمسلمين، وشكروه على ذلك.

ولهذا قال الإمام ابن القيم:

ولأجل ذا ضحى بجعد خالد ال ... قسري يوم ذبائح القربان

إذ قال إبراهيم ليس خليله ... كلا ولا موسى الكليم الداني

<<  <   >  >>