[المائدة: ١١٧] ، {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}[مريم: ٣٦] ، فعيسى عليه السلام ما دعا الناس إلى عبادة نفسه بل أنكر هذا، إنما الذين يدعون الناس إلى أن يعبدوهم هم الذين يكونون في النار مع عبدهم.
أما عيسى وعزير وغيرهما من الأنبياء فإنهم ينكرون هذا في حياتهم، ولما ماتوا فعل الناس هذا بهم بعد موتهم، قال عيسى – عليه الصلاة والسلام -: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[المائدة: ١١٧] ، فالأنبياء والرسل والصالحون لا يأمرون الناس أن يعبدوهم {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأنبياء: ٢٩] ، {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ}[آل عمران: ٧٩] ، فنزه الله الأنبياء عن هذا الكلام، فعيسى ما قال لهم: اعبدوني. وإنما هم عبدوه بعد موته، فلا لوم عليه عليه الصلاة والسلام، ورد الله عليهم بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} ، ومنهم عيسى عليه الصلاة والسلام:{أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} ، وقال في الزخرف {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}[الزخرف: ٥٧] .
قالوا: إذا كانت الآلهة في النار فعيسى معهم؛ لأنه معبود من دون الله. يريدون أن يردوا على الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله - جل وعلا -: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ} يعني: عيسى عليه السلام {أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}[الزخرف: ٥٩] ، فالله رد عليهم في موضعين: في سورة الأنبياء، وفي سورة الزخرف، وهكذا القرآن يرد على أهل الباطل ويفند شبهاتهم ولله الحمد.