للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: ٢٥٣] ، يفعل ما يشاء، ويفعل ما يريد.

وقوله: «ولا يكون شيء إلا بإرادته» ، ما يكون في هذا الكون فهو من خلقه وإيجاده سبحانه وتعالى وبمشيئته وإرادته، لا يكون في هذا الكون شيء بغير إرادته، أو بغير خلقه، أو أن أحدا يخلق مع الله - جل وعلا -.

هذا رد على المعتزلة الذين يقولون: إن العبد يخلق فعل نفسه، وإن الله لم يخلق أفعال العباد، وإنما هم الذين خلقوها مستقلين عن الله - جل وعلا -، وليس لله فيها إرادة ولا مشيئة.

فنحن نؤمن بأن أفعال العباد هي خلق الله، وهي كسب العباد، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦] ، أي: وخلق ما تعملون.

قوله: «ولا يخرج شيء عن مشيئته» ، في هذا الكون، لا يمكن يحدث شيء من كفر أو إيمان أو طاعة أو معصية أو غنى أو فقر أو حياة أو موت أو رزق إلا بمشيئته سبحانه وتعالى، مشيئته شاملة وإرادته شاملة، وكل شيء بإرادته ومشيئته، لا كما تقوله المعتزلة: إن العباد هم الذين يخلقون أفعالهم استقلالا وليس لله فيها أي تدخل، لكونهم هم الذين يخلقون أفعالهم. فيصفون الله - جل وعلا - بالعجز، ويعطلونه عن الخلق والفعل ويجعلونه معه خالقا غيره، وعلى نقيضهم الجبرية الذين يقولون: إن العباد ليس لهم أفعال، إنما هي أفعال الله يحركهم فيها كما تحرك الآلة، ليس لهم إرادة ولا مشيئة، فهم على النقيض من المعتزلة.

فالجبرية غلوا في إثبات أفعال الله، وغلوا في نفي أفعال العباد، وقالوا: العباد ليس لهم أفعال، فهم غلوا في إثبات وغلوا في نفي.

<<  <   >  >>