متى يأتي هذا العدو؟ هذا ليس من الحكمة، ولا من العقل، الحكمة أن تستعد وتكون على أهبة الاستعداد متى ما جاء، كذلك قيام الساعة، الحكمة أنك تستعد، وأما وقت قيامها فهذا ليس لك فيه مصلحة من قريب أو بعيد {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ}[الأنبياء: ١٠٩] ، الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم هذا، ولا أحد يعلم هذا إلا الله - جل وعلا – لحكمة أخفاها عن جميع خلقه، لا يعلمها إلا هو.
كذلك من شبههم أنهم يقولون: هذه الأجسام صارت ترابا، نخرة {أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً}[النازعات: ١١] ، فكيف تعود فيها الحياة بعد أن كانت نخرة ورميما؟ {وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا}[الإسراء: ٤٩] ، {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}[يس: ٧٨] ، يستبعدون هذا، الله - جل وعلا – رد عليهم بردود، منها:
أن الذي بدأ خلقهم قادر على أن يعيدهم من باب أولى، الذي يقدر على البداية قادر على الإعادة من باب أولى، {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الروم: ٢٧] ، فالله عز وجل كل شيء عليه هين، ولكن هذا من باب ضرب المثل للعقول، فالعقول تدري أن الإعادة أسهل من البداءة، فلو يأتي شخص ويصنع جهازا مركبا من أدوات ومسامير ومن أشياء هائلة ودقيقة، ثم بعد ذلك ينتقض هذا الجهاز ويتشتت ويتقطع كل أداة على حدة، وكل مسمار على حدة، أليس الذي ركبه في الأول قادر على أن يركبه بسرعة مرة ثانية؟ الجواب: نعم؛ لأنه عرفه، وعرف مكان كل أداة ومكان كل مسمار، فالمهندس الذي ركبه في الأول سهل عليه أن يعيده وينظمه من جديد، هذا من ناحية العقل، الذي بدأ الشيء قادر