للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: ٣٧ – ٤٠] .

فالذي قدر على تحويل هذه النطفة من ماء الأمشاج – يعني: المختلط من ماء الذكر وماء الأنثى – إلى إنسان، هذا الذي خلق هذا الإنسان من هذا الماء وأنشأه قادر على إحيائه بعد موته، وإذا كانوا يقولون: إنه يضيع في الأرض ويتفتت. فالله - جل وعلا – يقول: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ق: ٤] ، فالتراب الذي تحول من هذا الإنسان يعاد لحما ودما وعظاما كما كان، هذا الرفات يعاد ويتكون كما كان، ولا يضيع منه شيء، حتى ولو فني كله وصار ترابا فهناك شيء لا يفنى، وهو عظمة يسيرة وهي عجب الذنب، لا يفنى ومنه يركب خلق الإنسان.

ثم أيضا لو لم يكن هناك بعث وحساب وجزاء للزم العبث في حق الله - جل وعلا -، وأنه يخلق الخلق للفناء فقط، وليس لحياتهم وأعمالهم نتيجة، خلقهم وأوجدهم واعتنى بهم، وهم يعملون، ومنهم من يعمل أعمالا صالحة، ويموت ولا ينال من جزائها شيئا، ومنهم من يعمل أعمالا قبيحة، ومعاصي، وكفرا، وإلحادا، ويموت ولا ينال من جزائه شيئا، هل ينتهي عند هذا؟ الجواب: لا، هذا فيه طعن في عدل الله - جل وعلا -: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٥، ٣٦] ، الله لا يجعل المسلمين كالمجرمين كلهم يموتون ولا ينالون من جزاء أعمالهم شيئا، {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}

<<  <   >  >>