للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صرح ابن حبان بذلك في غير موضع من هذا الكتاب، فقال في الطبعة الثالثة (١) : سهل يروي عن شداد بن الهاد، روى عنه أبو يعقوب ولست أعرفه، ولا أدري من أبوه، هكذا ذكر هذا الرجل في كتاب الثقات، ونص على أنه لا يعرفه.

وقال أيضاً حنظلة (٢) شيخ يروي المراسيل لا أدري من هو؛ روى ابن المبارك عن إبراهيم بن حنظلة عن أبيه، وهكذا ذكره لم يزد، وقال أيضاً: الحسن أبو عبد الله (٣) شيخ يروي المراسيل، روى عنه أيوب النجار لا أدري من هو ولا ابن منهو، وقال أيضاً جميل (٤) شيخ يروي عن أبي المليح بن أسامة، روى عنه عبد الله بن عون، لا أدري من هو ولا ابن من هو.

وقد ذكر ابن حبان في هذا الكتاب خلفاً كثيراً من هذا النمط، وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح، وإن كان مجهولاً لم يعرف حاله، وينبغي أن ينبه لهذا ويعرف أن توثيق ابن حبان للرجل بمجرد ذكره في هذا الكتاب من أدنى درجات التوثيق، على أن ابن حبان قد اشترط في الاحتجاج بخبر من يذكره في هذا الكتاب شروطاً ليست موجودة في هذا الخبر الذي رواه هارون، فقال في أثناء كلامه، والعدل: من لم يعرف منه الجرح،إذ الجرح ضد التعديل، فمن لم يعرف بجرح فهو عدل يتبين ضده (٥) ، إذ لم يكلف الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم، وإنما كلفوا الحكم بالظاهر من الاشياء غير المغيب عنهم (٦) .

هذه طريقة ابن حبان في التفرقة بين العدل وغيره، وقد وافقه عليها بعضهم وخالفه الأكثرون، وليس المقصود هنا تحرير الكلام على هذا، وإنما المراد التنبيه على إصلاح ابن حبان وطريقته، قال (٧) : فكل ن أذكر في الكتاب فهو صدوق يجوز الاحتجاج بخبره إذا


(١) انظر كتاب الثقات له ٦/٤٠٦.
(٢) انظر كتاب الثقات أيضاً ٦/٢٢٦.
(٣) انظر الثقات أيضاً ٦/١٧٠.
(٤) انظر الثقات ٦/١٤٦.
(٥) قلت بل يزاد مع العدالة الحفظ.
(٦) هذه القاعدة انتقدها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه لسان الميزان، ورد عليه وذكر هنالك أن ابن عبد الهادي ذكرها في " في الصارم المنكي " انظر لسان الميزان ١/١٤-١٥ وكلام ابن حبان هذا ذكره في مقدمة كتابه الثقات ١/١٣.
(٧) انظر مقدمة الثقات ١/١١-١٢.

<<  <   >  >>