تيمية عليه بهذا الإسناد، ولا بلغه أن الحاكم صححه، ولو بلغه أن الحاكم صححه لما قال ذلك، يعني أنه كذب ولتعرض للجواب عنه قال: وكأني به إن بلغه بعد ذلك يطعن في عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رواي الحديث، ونحن قد اعتمدنا في تصحيحه على الحاكم، وذكر قبل ذلك بقليل أنه مما تبين له صحته.
فانظر رحمك الله إلى هذا الخذلان البين والخطأ الفاحش، كيف جاء هذا المعترض إلى حديث غير صحيح ولا ثابت، بل هو حديث موضوع فصححه واعتمد عليه وقلد في ذلك الحاكم مع ظهور خطئه وتناقضه ومع معرفة هذا المعترض بضعف رواية وجرحه واطلاعه على الكلام المشهور فيه، وأخذ مع هذا يشنع على من رد هذا الحديث المنكر ولم يقبله؛ ويبالغ في تخطئته وتضليله.
وليس المقصود هنا الكلام على هذا الحديث ومناقشة المعترض على ما وقع منه من الكلام عليه بغير علم؛ وإنما أشرنا إلى ذلك إشارة لما أخذ المعترض يقوي أمر عبد الرحمن بن زيد عند ذكر الحديث المروي عنه في الزيادة ويذكر أن الحاكم صحح له حديثاً في التوسل.
ولو فرض أن هذا الحديث المروي عن عبد الرحمن بن زيد في الزيارة من الأحاديث الصحيحة المشهورة لم يكن فيه دليل على غير الزيارة على الوجه المشروع، وقد علم أن الزيارة نوعان: شرعية وغير شرعية، فالشرعية لم يمنع منها شيخ الإسلام ولم ينه عنها في شيء من فتاويه ومؤلفاته ومناسكه، بل كتبه مشحونة بذكرها، ومن نسب إليه أنه منع منها أو نهى عنها، أو قال هي معصية بالإجماع مقطوع بها فقد كذب عليه وافترى وقال عنه ما لم يقله قط.
وقد قال الشيخ رحمه الله تعالى في منسك له صنفه في أواخر عمره:
[فصل]
وإذ دخل المدينة قبل الحج أو بعده فإنه يأتي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي فيه الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ولا تشد الرحال إلا إليه، وإلى المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، هكذا ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد (١) ، وهو مروي من طرق أخرى، ومسجده كان أصغر مما هو اليوم؛ وكذلك
(١) تقدم ورواه أيضاً أحمد ١/١٨٤ و ٢/٢٧٧، ٢٥٦، ٤١٦، ٤٨٤ وله أيضاً عن طرق كثيرة وشواهد متعددة، أنظر تحذير الساجد ص١٣٥.