حديثه، وذكر الخطيب (١) في تاريخه أن الرشيد لما قدم المدينة أعظم أن يرقى منبر النبي صلى الله عليه وسلم في قباء أسود ومنطقة فقال أبو البختري: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال: نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه قباء ومنطقة مخنجراً بخنجر فقال المعافي التيمي:
عول وويل لأبي البختري ... إذا توافى الناس للمحشر
من قوله الزور وإعلانه ... بالكذب في الناس على جعفر
والله ما جالسة ساعة ... للفقه في بدو ولا محضر
ولا رآه الناس في دهره ... يمر بين القبر والمنبر
يا قاتل الله ابن وهب لقد ... أعلن بالزور وبالمنكر
يزعم أن المصطفى أحمداً ... أنا جبريل التقي البرى
وعليه خف وقبا أسود ... خنجراً في الحقوا بالخنجر
[قال المعترض]
فإن قيل: ما معنى قوله إلا رد الله علي روحي؟
قلت: فيه جوابان.
أحدهما: ما ذكره الحافظ أبو بكر البيهقي أن المعنى إلا وقد رد الله علي روحي يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما مات ودفن رد الله عليه روجه لأجل سلام من يسلم عليه واستمرت في جسده صلى الله عليه وسلم.
والثاني: يحتمل أن يكون رداً معنوياً، وأن تكون روجه الشريفة مشتغلة بشهود الحضرة الإلهية والملأ الأعلى عن هذا العالم، فإذا سلم عليه أقبلت روحه الشريفة على هذا العالم لتدرك سلام من يسلم عليه ويرد عليه.
قلت: هذان الجوابان المذكوران في كل واحد منهما نظر، أما الأول وهو الذي ذكره البيهقي في الجزء اذلي جمعه في حياة الأنبياء عليهم السلام بعد وفاتهم فمضمونه رد روحه صلى الله عليه وسلم بعد موته إلى جسده واستمرارها فيه قبل سلام من يسلم عليه، وليس هذا المعنى المذكور في الحديث، ولا هو ظاهره، بل هو مخالف لظاهره، فإن قوله: ((إلا رد الله علي روحي)) بعد قوله: ((ما من أحد يسلم علي يقتضي رد الروح بعد السلام، ولا يقتضي استمرارها في الجسد)) .
(١) انظر تاريخ بغداد ١٣/٤٥١-٤٥٧ وانظر الضعفاء الصغير للبخاري رقم ٣٨٦ والضعفاء والمتروكين للنسائي رقم ٦٠٥ والميزان ٤/٣٥٣-٣٥٤.