السلف، وهو من أقارب عبد الله بن عمر، وقد قال فيما فعله ابن عمر: ما نعلم أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك إلا ابن عمر، فلو كان ما فعله ابن عمر مأثوراً عن غيره أو منقولاً عن أحد من الصحابة والتابعين لم يخف على عبيد الله بن عمر وغيره من العلماء أهل المدينة الذين هم أعلم الناس بهذا الشأن والله أعلم.
[قال المعترض]
وروى عبد الرزاق في هذا الباب أيضاً أن سعيد بن المسيب رأى قوماً يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما مكث نبي في الأرض أكثر من أربعين يوماً، ثم روى عبد الرزاق فيه قوله:((مررت بموسى ليلة أسري بي وهو قائم يصلي في قبره)) كأنه قصد بذلك رد ما روي عن سعيد بن المسيب، وهو رد صحيح، وما ورد عن ابن المسيب ورد فيه حديث نذكره في باب حياة الأنبياء، وقد روي عثمان بن عفان أنه لما حصر أشار بعض الصحابة عليه بأن يلحق بالشام فقال:لن أفارق دار هجرتي، ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما وهو مخالف لما قال ابن المسيب وهو الصحيح، وكذلك ما ذكرناه عن ابن عمر ثم لو صح قول ابن المسيب لم يمنع من استحباب زيارة القبر لشرفه بحلوله فيه ونسبته إليه كما قال الشاعر:
أمر على الديار ديار ليلى ... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا
قلت: هذا الذي رواه عبد الرزاق عن ابن المسيب لم يتابع عليه ابن المسيب، بل في صحته عنه نظر، وما بناه المعترض عليه على تقدير صحته عنه، ليس بمقبول منه، بل هو بناء ضعيف على ضعيف، ولم يذكر البيهقي في الجزء الذي جمعه في حياة الأنبياء بعد وفاتهم قول ابن المسيب هذا وإنما روى بإسناد ضعيف غير ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة، ولكنهم يصلون بين يدي الله عز وجل حتى ينفخ في الصور، وسنذكر علة هذا الحديث وسبب ضعفه فيما بعد إن شاء الله تعالى وقد روى نحو هذا الحديث من وجه آخر بزيادة يختلف بها المعنى.
قال: أبو حاتم بن حبان البستي في كتاب المجروحين (١) : أخبرنا الحسن بن سفيان