خرج على العراق، وروى عنه سفيان الثوري وشعبة والعراقيون، وقد أدرك المدينة جابر بن عبد الله، وسهل بن سعد وغيرهما من الصحابة، ورأى أكابر التابعين مثل سعيد بن المسيب، وسائر الفقهاء السبعة وغيرهم، ومعلوم أنه لم يكن ليخالفهم فيما اتفقوا عليه، بل لقد يخالف ابن عمر، فإن ما نقله عنه ابنه يقتضي أنه لا يأتيه لا عند السفر ولا غيره بل يكره إتيانه مطلقاً، كما كان جمهور الصحابة على ذلك لما فهموا من نهيه عن ذلك وأنه أمر بالصلاة عليه والسلام في كل زمان ومكان، وقال:((لا تتخذوا قبري عيداً)) وقال: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)) كما قد بين هذا في مواضع والله أعلم.
[قال المعترض]
وقال عبد الرزاق في مصنفه (١) ، باب السلام على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وروى فيه آثار منها بإسناد صحيح أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:((السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه)) .
هكذا ذكره المعترض من مصنف عبد الرزاق، ولم يذكر في آخره ما رواه عبد الرزاق بن محمد، عن عبيد الله بن عمر أنه قال: ما نعلم أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك إلا ابن عمر، ولو ذكر قوله عبيد الله عقيب ذكر ما روى عن ابن عمر في ذلك، كما فعله عبد الرزاق، لكان أحسن وأتم فائدة، ولكن المعني الذي ترك ذكره لأجله مفهوم وعبيد الله بن عمر هو العمري الكبير، وكان من سادات أهل المدينة وأشراف قريش فضلاً وعلماً وعبادة، وشرفاً، وحفظاً، وإتقاناً، وكان في زمن التابعين.
وروى عن خلق منهم كسالم بن عبد الله بن عمر والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ونافع مولى ابن عم ر وسعيد المقيري، وثابت البنائي وعبد الله بن دينار، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن المنكدر، وأبي الزبير المكي، ووهب بن كيسان وأبي حازم سلمة بن دينار الأعرج وعمرو بن دينار والزهري وغيرهم.
وروى عنه مثل سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وابن جريح، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك، والليث بن سعد ومعمر بن راشد وزائدة بن قدامة وعبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس، وفضيل بن عياض، ويحيى بن سعيد القطان وأشباههم وأمثالهم من الأئمة الأعلام.