للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا هجرة بعد الفتح)) (١) .وعند عباد القبور أن الهجرة إلى القبر فرض معين على من استطاع إليه سبيلاً، وليس بخاف أن هذا مراغمة صريحة لما جاء به الرسول وإحداث في دينه ما لم يأذن به،وكذب عليه وعلى الله، هذا من أقبح التنقص.

وقد ذكر المعترض في موضع من كتابه أنه رأس فتيا بخط شيخ الإسلام وفيها: ولهذا كانت زيارة القبور على وجهين: زيارة شرعية،وزيارة بعدية.

فالزيارة الشرعية: مقصودها السلام على الميت والدعاء له إن كان مؤمناً وتذكر الموت سواء كان الميت مؤمناً أم كافراً، قال: وبعد ذلك: فالزيارة لقرب المؤمن نبياً كان أو غير نبي من جنس الصلاة على جنازته يدعي كما يدعي إذا صلى على جنازته.

وأما الزيارة البدعية: فمن جنس زيارة النصارى مقصودها الإشراك بالميت مثل: طلب الحوائج منه أو به، أو التمسح بقبره وتقبيله، أو السجود له ونحو ذلك، فهذا كله لم يأمر اله به، ولا رسوله، ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين ولا أحد من السلف يفعله لا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره.

[قال المعترض: بعد حكايته هذا الكلام عن الشيخ: وبقي قسم لم يذكره وهو أن تكون للتبرك به من غير إشراك به فهذه ثلاثة أقسام.]

أولها: السلام والدعاء له، وقد سلم جوازه وأنه شرعي.

والقسم الثاني: التبرك به والدعاء عنده للزائر، وقال:وهذا القسم يظهر من فحوى كلام ابن تيمية أنه يلحقه بالقسم الثالث، ولا دليل له على ذلك، بل نحن نقطع ببطلان كلامه فيه، وأن المعلوم من الدين وسير السلف الصالحين التبرك ببعض الموتى من الصالحين، فكيف بالأنبياء والمرسلين، ومن أدعى أن قبور الأنبياء وغيرهم من أموات المسلمين سواء فقد أتى أمراً عظيماً نقطع ببطلانه وخطئه فيه، وفيه حظ لرتبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى درجة من سواه من المؤمنين وذلك كفر بيقين.


(١) أخرجه البخاري ٦/٢٨٣ وأخرجه أيضاً في كتاب الحج الباب رقم ٤٣ وفي الجهاد باب رق ١٩٣ وباب رقم ١/وباب رقم ٢٧ ومسلم ٢/٩٨٦ و ٣/١٤٨٦ وأبو داود رقم ٢٤٨٠ والترمذي ٤/١٤٨ - ١٤٩ رقم ١٥٩٠ والنسائي ٧/١٤٧ رقم ٤١٧٠ والدارمي ٢/٢٣٩ وأحمد في مسنده رقم ١٩٩١، ٢٣٩٦، ٢٨٩٨ طبعة أحمد شاكر، جميعاً من حديث ابن عباس.
وأخرجه مسلم ٣/١٤٨٨ من حديث عائشة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>