أحد فقد تبين أن ما روي عن علي في هذا الباب مرفوعاً وموقوفاً ليس له أصل، بل هو من الكذب المفترى عليه والله أعلم.
[قال المعترض]
الحديث الخامس عشر: من أتى المدينة زائراً، قال يحيى الحسيني في أخبار المدينة في باب ما جاء في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وفي السلام عليه حدثنا محمد بن يعقوب، حدثنا عبد الله بن وهب عن رجل عن بكير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من أتى المدينة زائراً لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين بعث آمناً)) .
قال وقد وردت أحاديث أخرى في ذلك منها من لم يمكنه زيارتي فليزر قبر إبراهيم الخليل عليه السلام، وسأذكر ذلك إن شاء الله تعالى في الكلام على زيارة سائر الأنبياء والصالحين، انتهى ما ذكره المعترض.
وهذا آخر الأحاديث التي ذكرها في الباب الأول وهو حديث باطل لا اصل له وخبر معضل لا يعتمد على مثله، وهو من أضعف المراسيل وأوهى المنقطعات، ولو فرض أنه من الأحاديث الثابتة لم يكن فيه دليل على محل النزاع.
أما ما ذكره من قوله:((من لم يمكنه زيارتي فليزر قبر إبراهيم الخليل)) فإنه من الأحاديث المكذوبة والأخبار الموضوعة وأدنى من يعد من طلبة العلم بعلم أنه حديث موضوع وخبر مفتعل مصنوع، وأن ذكر مثل هذا الحديث المكذوب من غير تبيين لحالة القبيع بمن ينتسب إلى العلم.
فقد تبين أن جميع الأحاديث التي ذكرها المعترض في هذا الباب ليس فيها حديث صحيح، بل كلها ضعيفة أو موضوعة لا أصل لها، وكم من حديث له طرق أضعاف هذه الطرق التي ذكرها المعترض، وهو موضوع عند أهل هذا الشأن فلا يعتبر بكثرة الطرق وتعددها، وإنما الاعتماد على ثوبتها وصحتها.
والحاصل: أن ما سلكه المعترض من جميع الطرق في هذا الباب وتصحيح بعضها واعتماده عليه، وجعل بعضها شاهداً لبعض ومتابعاً له، هو مما تبين خطوة فيه، وظهر تعصبه وتحامله في فعله، وأن ما ذهب إليه شيخ الإسلام من تضعيفها وردها وعدم قبولها هو الصواب، وقد قال في كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم)) (١) .
(١) انظر ٢/٧٦٤ بتحقيق الدكتور ناصر عبد الكريم العقل.