للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور لزرت قبر ابنتي، ومجالد من أصحاب الشعبي، وفيه مقال لبعض أهل العلم من قبل حفظه، وكان الشعبي سمع النهي عن زيارة القبور، ولم يبلغه الناسخ، وروى عبد الرزاق أيضاً عن معمر، عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من زار القبور فليس منا)) (١) وهذا مرسل من مراسيل قتادة وهو منسوخ.

وروى عبد الرزاق (٢) ، عن الثوري، عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون زيارة القبور، وهذا صحيح ثابت إلى إبراهيم وهو الذي ضعفه المعترض عنه بلا علم، وكثيراً ما يقول إبراهيم النخعي: كانوا يفعلون كذا، وكانون يكرهون كذا، والظاهر أنه يريد بهم شيوخه، ومن يحمل عنه العلم من أصحاب علي وابن مسعود وغيرهما.

والمقصود أن الإجماع المذكور في هذه المسألة غير محقق، وإن كان قوله من خالف الجمهور فيها ضعيفاً، وشيخ الإسلام لم يذهب إلى هذا القول المخالف لقول الجمهور، وإنما حكاه غيره من أهل العلم والله أعلم.

[قال المعترض]

فإنا نقطع ونتحقق من الشريعة بجواز زيارة القبور للرجال وقبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل في هذا العموم ولكن مقصودنا إثبات الاستحباب له بخصوصه للأدلة الخاصة بخلاف غيره ممن لا يستحب زيارة قبره لخصوصه، بل لعموم زيارة القبور، وبين المعنيين فرق لما لا يخفى، فزيارته صلى الله عليه وسلم مطلوبة بالعموم والخصوص بل أقول: إنه لو ثبت خلاف في زيارة قبر غير النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم من ذلك إثبات خلاف في زيارته، لأن زيارة القبر تعظيم، وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم واجب وأما غيره فليس كذلك، ولهذا المعنى أقول والله أعلم: أنه لا فرق في زيارته صلى الله عليه وسلم بين الرجال والنساء لذلك ولعدم المحذور في خروج النساء إليه،وأما سائر القبور فمحل الإجماع على استحباب زيارتها للرجال، وأما النساء ففي زيارتهن للقبور أربعة أوجه في مذهبنا أشهرها، أنها مكروهة جزم بهالشيخ أبو حامد


(١) انظر مصنف عبد الرزاق ٣/٥٦٩.
(٢) انظر مصنف عبد الرزاق ٣/٥٦٩ وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>