للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلام)) (١) فهذا عمدة أحمد وأبي داود وابن حبيب وأمثالهم، وليس في لفظ الحديث المعلوف في السنن (عند قبري) لكن عرفوا أن هذا هو المراد، وأنه لم يرد على كل مسلم عليه في صلاة في شرق الأرض وغربها، مع أن هذا المعنى إن كان هو المراد بطل الاستدلال بالحديث من كل وجه على اختصاص تلك البقعة بالسلام، وإن كان المراد السلام عليه عند قبره كما فهمه عامة العلماء، فهل يدخل فيه من سلم من خارج الحجرة، هذا مما تنازع فيه الناس وقد توزعوا في دلالته فمن الناس من يقول: هذا إنما يتناول من سلم عليه عند قبره كما كانوا يدخلون الحجرة على زمن عائشة فيسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يرد عليهم فأولئك سلموا عليه عند قبره وكان يرد عليهم، وهذا قد جاء عموماً في حق المؤمنين، ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام.

قالوا: فأما من كان في المسجد فهؤلاء لم يسلموا عليه عند قبره، بل سلامهم عليه كالسلام عليه في الصلاة، وكالسلام عليه إذا دخل المسلم المسجد وحرج منه وهذا هو السلام الذي أمر الله به في حقه بقوله: صلوا عليه وسلموا تسليماً، وهذا السلام قد ورد أنه من سلم عليه مرة سلم الله عليه عشراً كما أنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشراً.

فأما أثر من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشراً فهو ثابت من وجوه بعضها في الصحيح، كما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة (٢) ، وهذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه كما في حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً)) (٣) .


(١) تقدم صفحة ٤٦ حاشية (١) .
(٢) الحديث رواه مسلم ١/٢٨٨ وأبو عوانه ١/٣٣٦ وأبو داود ١/٣٥٩ حديث رقم ٥٢٣ والنسائي ٢/٢٥ باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان، والترمذي في المناقب ٥/٥٨٦ حديث رقم ٣٦١٤ وأحمد ٢/١٦٨ وغيرهم.
(٣) رواه مسلم ١/٣٠٦.

<<  <   >  >>