للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال هؤلاء الذين قاسوا زيارة قبره على زيارة سائر القبور إن الناس منعوا من الوصول إليه تعظيماً لقدره، وجعل سلامهم وخطابهم له من وراء الجحرة، لأن ذلك أبلغ في الأدب والتعظيم.

قيل: فهذا موجب الفرق، فإن الزيارة المشروعة إن كان مقصودها الدعاء له، فكون ذلك قريباً من الحجرة أفضل منه في سائر المساجد والبقاع، فالذي يدعو له داخل الحجرة أقرب وإن كان القرب مستحباً، فكلما كان أقرب كان أفضل كسائر القبور، وإن كان مقصودها ما يقوله أهل الشرك والضلال من دعائه، ودعاؤه من القرب أولى فينبغي أن يكون من داخل الحجرة أولى، لما ثبت أن هذا القرب من القبر ممنوع منه بالنص (١) والإجماع وهو أيضاً غير مقدور، علم أن القرب من ذلك ليس بمستحب بخلاف زيارة قبر غيره والصلاة على قبره فإن القريب (٢) منه مستحب إذا لم يفض إلى مفسدة من شرك أو بدعة أو نياحة، فإن أفضى إلى ذلك منع من ذلك.

ومما يوضح هذا أن الشخص الذي يقصد اتباعه زيارة قبره يجعلون قبره بحيث تمكن زيارته، فيكون له باب يدخل منه إلى القبر، ويجعل عند القبر مكان للزائر إذا دخل بحيث يتمكن من القعود فيه، بل يوسع المكان ليسع الزائرين، ومن اتخذه مسجداً جعل عنده صورة محراب أو قريباً منه، وإذا كان الباب مغلقاً جعل له شباك على الطريق ليراه الناس فيه فيدعونه، وقبر النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف هذا كله لم يجعل للزائر طريق إليه بوجهه من الوجوه ولا قبر في مكان كبير يتسع للزوار، ولا جعل للمكان شباك يرى منه القبر، بل منع الناس من الوصول إليه والمشاهدة له (٣) .

ومن أعظم ما من الله به على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أمته واستجاب فيه دعاءه أن دفن في بيته بجانب مسجده، فلا يقدر أحد أن يصلي إلا إلى المسجد (٤) ، والعبادة المشروعة في


(١) لست أدري أي نص هذا وأي إجماع.
(٢) صوابه القرب في بعض النسخ.
(٣) قلت بل جعل له شباك فإلى الله المشتكى.
(٤) قلت:أما الأن فمصلى النساء خلف القبر النبوي الشريف وهناك ممر بين جدار الغرفة التي فيها القبر والشباك الحاجز لمصلى النساء فيتمكن كثير من الناس من الصلاة في هذا الممر وأصبح بعض الناس يطوفون حول القبر لأنه اصبح ممكناً ولو أن الحكومة السعودية تسد هذا الممر لكان خيراً.

<<  <   >  >>