للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول صلى الله عليه وسلم من حقه، فطاعته هي مناط السعادة والنجاة والذين يحجون إلى القبور ويدعون الموتى من الأنبياء وغيرهم عصوا الرسول صلى الله عليه وسلم وأشركوا بالرب ففاتهم ما أمروا به من تحقيق التوحيد، والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وجميع الخلق يأتون يوم القيامة فيسألون عن هذين الأصلين ماذا كنتم تعبدون، وماذا أجبتم المرسلين كما بسط هذا في موضعه، والمقصود أن الصحابة كانوا في زمن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين يدخلون المسجد، ويصلون فيه الصلوات الخمس ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ويسلمون عليه عند دخول المسجد وبعد دخوله ولم يكونوا يذهبون ويقفون إلى جانب الحجرة ويسلمون عليه هناك، وكان على عهد الخلفاء الراشدين والصحابة حجرته خارجة عن المسجد، ولم يكن بينهم وبينه إلا الجدار.

ثم إنه إنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة، وكان من آخرهم موتاً جبر بن عبد الله وهو توفي خلافة عبد الملك، فإنه توفي سنة ثمان وسبعين، والوليد توفي سنة ست وثمانين وتوفي سنة ست وتسعين فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك.

وقد ذكر أبو زيد عمر بن شبة التميري في كتاب أخبار مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إشاخة وعمن حدثوا عنه أن عمر بن عبد العزيز لما كان نائباً للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة، وعمل سقفه بالساج وماء الذهب وهدم حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأدخلها في المسجد وأدخل القبر فيه، ثم ذكر الشيخ الآثار المروية في عمارة عمر بن عبد العزيز المسجد وزيادته فيه، وذكر أن حكم الزيادة حكم المزيد فقال (١) :

وقد جاءت الآثار بأن حكم الزيادة في مسجده حكم المزيد تضعف فيه الصلاة بألف صلاة (٢) ، كما أن المسجد الحرام حكم الزيادة فيه حكم المزيد، فيجوز الطواف فيه


(١) في الرد على الأخنائي ص١٢٥-١٢٦.
(٢) قلت بل الراجح أن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي كان على عهده هو الذي يضاعف فيه الأجر إلى ألف صلاة وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام، صلاة في مسجدي هذا فلفظ الإشارة " هذا " قيدت المسجد بالذي كان في عهده بخلاف المسجد الحرام ولهذا صرح به الإمام النووي كما في شرحه على صحيح مسلم، والله أعلم.

<<  <   >  >>