للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقهاء، وجابر بن عبد الله، وكان من السابقين الأولين ممن بايع بالعقبة وتحت الشجرة ولم يكن بقي من هؤلاء غيره لما مات، وذلك قبل تغيير المسجد بسنين، ولم يبق بعد ممن كان بالغاً حين موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا سهل بن سعد الساعدي، فإنه توفقي سنة ثمان وثمانين، وقيل: سنة إحدى وتسعين، ولهذا قيل فيه: أنه آخر من مات بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال أبو حاتم البستي وغيره، وأما من مات بعد ذلك فكانوا صغاراً مثل السائب بن يزيد الكندي ابن أخت نمر، فإنه مات بالمدينة سنة إحدى وتسعين، وقيل: أنه مات بعده عبد الله بن أبي طلحة الذي حنكه النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك محمود بن الربيع الذي عقل مجه ومجها رسول صلى الله عليه وسلم في وجه من بئر كان في دارهم وله خمس سنين، مات سنة تسع وتسعين وله ثلاث وتسعون سنة، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف سماه النبي صلى الله عليه وسلم أسعد باسم أسعد بن زراره مات سنة مائة.

لكن هؤلاء لم يكن لهم في حياته من التميز ما ينقلون عنه أقواله وأفعاله التي ينقلها الصحابة مثل ما ينقلها جابر وسهل بن سعد وغيرهما، وأما ابن عمر فكان قد مات قبل ذلك بعد قتل ابن الزبير بمكة سنة أربع وسبعين، وابن عباس مات قبل ذلك بالطائف سنة ثمان وستنين، فهؤلاء وأمثالهم من الصحابة لم يدرك أحد منهم تغير المسجد وإدخال الحجرة فيه، وأنس بن مالك كان بالبصرة، ولم يكن بالمدينة وقيل: أنه آخر من مات بها من الصحابة.

وكان حجر أزواج النبي شرقي المسجد وقليلة، وقبل، وشامية فاشتريت من ملاكها ورثة أزواجه وزيدت في المسجد، فدخلت حجرة عائشة، وكان الذي تولى ذلك عمر بن عبد العزيز نائب الوليد على المدينة فسد باب الحجرة وبنوا حائطاً آخر عليها غير الحائط القديم، فصار المسلم عليه من وراء الجدار أبعد من المسلم عليه لما كان جداراً واحداً.

قال هؤلاء: ولو كان سلام التحية الذي يرده على صاحبه مشروعاً في المسجد لكان له حد ذراع أو ذراعان، أو ثلاثة فلا يعرف الفرق بين المكان الذي يستحب فيه هذا السلام والمكان الذي لا يستحب فيه، فإن قيل: من سلم عليه عند الحائط الغربي رد عليه، قيل: وكذلك من كان خارج المسجد، وإلا فما الفرق حينئذ فيلزم أن يرد على جميع أهل الأرض، وعلى كل مصل في كل صلاة كما ظنه بعض الغالطين، ومعلوم بطلان ذلك، وإن قيل: يختص بقدر بين المسلم وبين الحجرة، قيل: فما حد ذلك وهم لهم قولان: منهم من يستحب القرب من الحجرة، كما استحب ذلك مالك وغيره، ولكن

<<  <   >  >>