للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على من صلى عليه عشراً، فإن هذا هو الذي أمر الله به في القرآن، وهو لا يختص بمكان دون مكان، وقد تقدم حديث أبي هريرة أنه يرد السلام على من سلم عليه، والمراد عند قبره، لكن النزاع في معنى كونه عند القبر هل المراد في بيته كما يراد مثل ذلك في سائر ما أخبر به من سماع الموتى، إنما هو لمن كان عند قبورهم قريباً منها، أو يراد به من كان في الحجرة، كما قاله طائفة من السلف والخلف.

وهل يستحب ذلك عند الحجرة لمن قدم من سفر أو لمن أراده من أهل المدينة أولاً يستحب بحال، وليس الاعتماد في سماعه ما يبلغه من صلاة أمته وسلامهم إلا على هذه الأحاديث الثابتة، فأما ذاك الحديث وإن كان معناه صحيحاً فإسناده لا يحتج به، وإنما يثبت معناه بأحاديث أخر، فإنه لا يعرف إلا من حديث محمد بن مروان السدي الصغير عن الأعمش كما ظنه البيهقي، وما ظنه في هذا هو متفق عليه عند أهل المعرفة بالحديث، وهو عندهم موضوع على الأعمش.

قال عباس الدوري عن يحيى بن معين (١) : محمد بن مروان ليس بثقة، وقال البخاري (٢) ، سكتوا عنه لا يكتب حديثه البته، وبقال الجوزجاني: ذاهب الحديث، وقال النسائي (٣) ، متروك الحديث، وقال صالح جزره: كان يضع الحديث، وقال أبو حاتم الرازي (٤) والأزدي: متروك الحديث، وقال الدارقطني (٥) ، ضعيف وقال ابن حبان (٦) : لا يحل كتب حديثه إلا اعتباراً ولا الاحتجاج به بحال، وقال ابن عدي (٧) ، عامة ما يرويه غير محفوظ والضعف على رواياته بين.

فهذا الكلام على ما ذكره من الحديث مع أنا قد بينا صحة معناه بأحاديث أخر، وهو لو كان صحيحاً فإنما فيه أنه يبلغ صلاة من صلى نائباً، ليس فيه أنه يسمع ذلك كما قد


(١) انظر ميزان الاعتدال ٤/٣٣ قال الذهبي، قال ابن معين: ليس بثقة ٤/٣٣ وقال أحمد: أدركته قلت: وذكر كلام ابن معين صاحب الجرح والتعديل ٨/٨٦ وقد كبر فتركه وذكر له من أحاديثه الحديث المتقدم.
(٢) التاريخ الصغير ص٢١٨ برقم ٣٤٠ والكبير له ١/٢٣٢ برقم ٧٢٩.
(٣) الضعفاء والمتروكون للنسائي ص٢١٩ رقم ٥٦٥.
(٤) الجرح والتعديل ٨/٨٦ قال: ذاهب الحديث متروك الحديث لا يكتب حديثه البته.
(٥) الضعفاء والمتروكون للدارقطني ص٣٤٤ برقم ٤٧٠.
(٦) المجروحون ٢/٢٨١.
(٧) الكامل ٦/٢٢٦٧.

<<  <   >  >>