للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الخبر، ولو لم يتعلم التاريخ، وأسماء الثقات والضعفاء ومن يجوز الاحتجاج بأخبارهم ممن لا يجوز إلا لهذا الخبر الواحد لكان الواجب على كل من ينتحل السنن أن لا يقصر في حفظ التاريخ حتى لا يدخل في جملة الكذبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد ذكر ابن حبان قبل هذا حديث جبير بن معطم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نصر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم أرادها إلى من لم يسمعها)) (١) .

وحديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله: ((بلغوا عني ولو آية وحدثوا عني بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) (٢) .

ثم قال ابن حبان في أمر رسول الله أمته بالتبليغ عنه من بعدهم مع ذكر إيجاب النار للكاذب عليه دليل على أنه إنما أمر بالتبليغ عنه ما قاله صلى الله عليه وسلم، أو ماكان من سننه فعلاً أوة سكوتا عند المشاهدة لا إنه يدخل في قوله: ((نضر الله امرأ)) المحدثون بأسرهم، بل لا يدخل في ظاهر هذا الخطاب إلا من أدى صحيح حديث رسول الله دون سقيمة، وإني خائف على من روي ما سمع من الصحيح والسقيم أن يدخل في جملة الكذبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عالماً بما يروي.

ثم قال ابن حبان: حدثنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر، حدثنا محمد بن الحسين بن أشكاب، حدثنا علي بن حفص المدائني، حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع)) (٣) .

قال أبو حاتم: في هذا الخبر زجر للمرء أن يحدث بكل ما سمع حتى يعلم على اليقين صحته، ثم يحدث به دون ما لا يصح على حسب ما ذكرناه قبل.


(١) انظر ١/١٤٣-١٤٤، ٢/٣٥ والحديث أيضاً متواتر وللشيخ العباد كتاب في تخريج هذا الحديث وشرحه.
(٢) أخرجه البخاري ٦/٤٩٦ والترمذي ٥/٤٠ وابن حبان ٨/٥١، وأحمد ٢/١٥٩-٢٠٢-٢١٤ من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٣) رواه مسلم في المقدمة مسنداً ومرسلاً وأبو داود ٥/٢٦٥-٢٦٦ وابن حبان ١/١١٨ مسنداً، وقد رجح الدارقطني إرساله.

<<  <   >  >>