للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبي حازم وغيرهم عنه، ورواه أيضاً من حديث معدان بن أبي طلحة الميعمري، عن ثوبان، فرواية أبي صخر متابعة لهذه الروايات وشاهدة لها (١) .

وهكذا عاد مسلم غالباً إذا روى لرجل قد تكلم فيه ونسب إلى ضعف وسوء حفظه وقلة ضبطه، إنما يروي له في الشواهد والمتابعات، ولا يخرج له شيئاً انفرد به ولم يتابع عليه (٢) .

فعلم أن هذا الحديث الذي تفرد به أبو صخر، عن ابن قسيط عن أبي هريرة لا ينبغي أن يقال هو على شرط مسلم، وإنما هو حديث إسناده مقارب وهو صالح أن يكون متابعاً لغيره وعاضداً له، والله أعلم (٣) .

وأما النزاع في دلالة الحديث فمن جهة احتمال لفظه، فإن قوله: ((ما من أحد يسلم علي)) يحتمل أن يكون المراد به عند قبره كما فهمه جماعة من الأئمة، ويحتمل أن يكون معناه على العموم، وأنه لا فرق في ذلك بين القريب والبعيد، وهذا هو ظاهر الحديث وهو الموافق للأحاديث المشهورة التي فيها فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم، وإن صلاتكم تبلغي حيثما كنتم، يشير بذلك صلى الله عليه وسلم إلى أن ما ينالي منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم منه، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيداً، كما قال: ((ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنت)) .

والأحاديث عنه بأن صلاتنا وسلامنا تبلغه وتعرض عليه كثير قد تقدم ذكر بعضها.

وقد روى أبو يعلي الموصلي عن موسى بن محمد بن حبان، حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا عبد الله بن نافع، أنبأنا العلاء بن عبد الرحمن قال: سمعت الحسن بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً ولا تتخذوا بيتي عيداً وصلوا علي وسلموا فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني أينما كنتم وقد تقدم الحديث الذي رواه أبو يعلي في مسنده أيضاً عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين، حدثنا علي بن عمر عن


(١) انظر كلام الإمام مسلم في مقدمة صحيحه ص٥.
(٢) تقدم الكلام على الحديث ونقلنا كلام الحافظ في النكت الطراف.
(٣) تقدم الكلام عليه.

<<  <   >  >>