للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

ثم ذكر ما يقوله إذا دخل (المسجد) وقال: ثم يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيستقبل جدار القبر ولا يمسه، ولا يقبله، ثم يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبي الله وخيرته من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبين وقائد الغر المحجلين، ثم ذكر الكلام إلى آخره، وذكر السلام على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقد تبين أن الشيخ رحمه الله لم ينكر زيارة الحاج قبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى يشنع عليه بما لم يقله، أو يضاف إليه ما لم يعتقده، وإنما ذكر نزاع العلماء في شد الرحال وأعمال المطي إلى مجرد زيارة القبور، ومال إلى النهي عن ذلك محتجاً بما ثبت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) (١) والله أعلم.

ثم قال المعترض: واختلف السلف في أن الأفضل البداءة بالمدينة قبل مكة، أو بمكة قبل المدينة، قال: وممن نص على هذه المسألة وذكر الخلاف فيها الإمام أحمد في كتاب المناسك الكبير من تأليفه، ثم ذكر أن ابن ناصر رواها بإسناد له ذكره إلى عبد الله بن أحمد عن أبيه، وقال في هذه المناسك، سئل عمن يبدأ بالمدينة قبل مكة، فذكر بإسناده عن عبد الرحمن بن يزيد وعطاء ومجاهد، قالوا: إذا أردت مكة فلا تبدأ بالمدينة وابدأ بمكة، فإذا قضيت حجتك فأمرر بالمدينة إن شئت.

قال: وذكر بإسناده عن الأسود قال: أحب أن يكون نفقتي وجهادي وسفري أن أبدأ بمكة وعن إبراهيم النخي إذا أردت مكة فاجعل كل شيء لها تبعاً، وعن مجاهد إذا أردت الحج أوالعمرة فبدأ بمكة واجعل كل شيء لها تبعاً، وعن إبراهيم قال: إذا حججت فابدأ بمكة ثم مر بالمدينة بعد.

وذكر الإمام أحمد أيضاً بإسناده عن عدي بن ثابت أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يبدأون بالمدينة إذا حجوا يقولون: نهل من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر ابن أبي شيبة في مصنفه هذا الأثر أيضاً، وذكر بإسناده عن علقمة والأسود، وعمر بن ميمون أنهم بدأوا بالمدينة قبل مكة، ثم قال: وقال الموفق ابن قدامة: قال: - يعني أحمد -: إذا حج الذي لم يحج فقط يعني من غير طريق الشام، لا يأخذ على طريق المدينة لأني أخاف أن يحدث به حدث فينبغي أن يقصد مكة من أقصد الطرق ولا


(١) تقدم تخريج هذا الحديث.

<<  <   >  >>