قبره سنة مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها، المراد، به الزيارة الشرعية، كما ذكره مالك وأصحابه من أنه يسافر إلى مسجده، ثم يسلم عليه ويصلي عليه كما ذكره في كتبهم، ثم أطال الكلام وقال.
والمقصود أمن ما حكى القاضي عياض فيه الاجتماع لم ينه عنه في الجواب، بل السفر إلى مسجده وزيارته على الوجه المشروع سنه مجمع عليها، كما ذكره القاضي عياض وبعضهم يسميها زيارة لقبره، وبعضهم يكره أن يسميها زيارة، ولا يدخل في ذلك السفر إلى غير المساجد الثلاث، كالسفر إلى قبور الأنبياء والصالحين ومن سافر لمجرد قبورهم فلم يزر زيارة شرعية بل بدعية، فلهذا يقول أحمد أنه مجمع على أنه سنة، ولكن هذا الموضع مما يشكل على كثير من الناس؛ فينبغي لمن أراد أن يعرف دين الإسلام أن يتأمل النصوص النبوية، ويعرف ما كان يفعله الصحابة والتابعون وما قاله أئمة المسلمين ليعرف المجتمع عليه من المتنازع فيه.
فإن الزيارة فيها مسائل متعددة فيها، ولكن لم يتنازعوا فيها علمت في استحباب السفر إلى مسجده واستحباب الصلاة والسلام عليه فيه ونحو ذلك مما شرعه الله في مسجده ولم يتنازع الأئمة الأربعة والجمهور في أن السفر إلى غير الثلاثة ليس بمستحب لا لقبور الأنبياء والصالحين ولا غفير ذلك فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم:((لا تشد الرحال)) حديث متفق على صحته وعلى العمل به عند الأئمة المشهورين، وعلى أن السفر إلى زيارة القبور داخل فيه، فإما أن يكون نهياً، وإما أن يكون نفياً للاستحباب، وقد جاء في الصحيح بصيغة النهي صريحاً فتعين أنه نهي.
فهذان طرفان لا أعلم فيهما نزاعاً بين الأئمة الأربعة والجمهور، والأئمة الأربعة وسائر العلماء لا يوجبون الوفاء على نذر أن يسافر إلى أثر نبي من الأنبياء قبورهم، أو غير قبورهم، وما علمت أحداً أوجبه غير ابن حزمن فإنه أوجب الوفاء على ما نذر مشياً أو ركوباً، أو نهوضاً إلى مكة، أو المدينة، أو بيت المقدس.
قال: وكذلك إلى أثر من آثار الأنبياء، قال: فإن نذر مشياً، أو نهوضاً أو ركوباً إلى مسجد من المساجد غير الثلاث لم يلزمه، وهذا عكس قول الليث بن سعد فإنه قال:من نذر المشي إلى مسجد من المساجد مشى إلى ذلك المسجد، وابن حزم فهم من قوله:((لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) أي لا تشد إلى مسد، وهو لا يقول بفحوى الخطاب وتنبيهه، فلا يجعل هذا نهياً عما هو دون المساجد في الفضيلة بطريق الأولى بل يقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه)) إنه لو