للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلده، سمعت إبراهيم بن عبد الواحد البغدادي، يقول: قال صالح بن أحمد بن حنبل كنت يوماً عند أبي إذ دق عليه الباب، فخرجت فإذا أبو زرعة ومحمد بن مسلم بن واره يستأذنان على الشيخ فدخلت وأخبرته فأذن لهم فدخلوا وسلموا عليه فأما ابن واره فباس يده فلم ينكر عليه ذلك، وأما أبو زرعة، فصافحة فتحدثوا ساعة فقال ابن واره: يا أبا عبد الله إن رأيت تذكر حديث أبي القاسم بن أبي الزناد فقال: نعم حدثنا أبو القاسم ابن أبو الزناد عن إسحاق بن حازم، عن ابن مقسم يعني عبيد الله، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر؟ فقال: ((الطهور ماؤه، الحلال ميتته)) وقام فقالوا: ما له قلنا شك في شيء ثم خرج والكتاب بيده فقال في كتابه ميته بتاء واحدة والناس يقولون ميتته، ثم تحدثوا ساة فقال له ابن واره: يا أبا عبد الله رأيت محمد بن حميد، قال نعم، قال: كيف رأيت حديثه؟ قال: إذا حدث عن العراقيين يأتي بأشياء مستقيمة، وإذا حدث عن أهل بلده مثل إبراهيم بن المختار وغيره أتى بأشياء لا تعرف لا يدري ما هي.

قال: فقال أبو زرعة وابن واره: صح عندنا أنه يكذب، قال: فرأيت أبي بعد ذلك إذا ذكر ابن حميد نفض يده.

وقال العقيلي في كتاب الضعفاء (١) : حدثني إبراهيم بن يوسف، قال: كتب أبو زرعة ومحمد بن مسلم، عن محمد بن حميد، حديثاً كثيراً، ثم تركا الرواية عنه، وقال الحاكم أبو أحمد في كتاب الكنى: أبو عبد الله محمد بن حميد الرازي ليس بالقوي عندهم تركه أبو عبد الله بن يحيى الذهلي، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة.

فإذا كانت هذه حال محمد بن حميد الرازي عند أئمة هذا الشأن، فكيف يقال في حكاية رواها منقطعة: إسنادها جيد مع أن في طريقها إليه من ليس بمعروف.

وقد قال المعترض بعد أن ذكر هذه الحكاية، وتكلم على رواتها: فانظر هذه الحكاية وثقة رواتها وموافقتها، لما رواه ابن وهب عن مالك، هكذا قال، والذي حمله على ارتكاب هذه السقطة قلة علمه ومتابعته هواه، نسأل الله التوفيق.

والذي ينبغي أن يقال: فانظر هذه الحكاية وضعفها وانقطاعها وتكارتها وجهالة بعض رواتها ونسبة بعضهم إلى الكذب ومخالفتها لما ثبت عن مالك وغيره من العلماء.

وقد قال شيخ الإسلام في كتاب: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب


(١) ٤/٦١.

<<  <   >  >>