للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابة يدخلون إلى عند القبرولا يقفون عنده خارجاً مع أنهم يدخلون إلى مسجده ليلاً ونهاراً.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام)) (١) . وقال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد بيت المقدس)) (٢) وكانوا يقدمون من الأسفار للاجتماع بالخلفاء الراشدين وغير ذلك فيصلون في مسجده ويسلمون عليه في الصلاة، وعند دخول المسجد والخروج منه،ولا يأتون القبر إذا كان عندهم مما لم يأمرهم به ولم يسنه لهم، وإنما أمرهم وسن لهم الصلاة والسلام عليه في الصلاة، وعند دخولهم المساجد وغير ذلك ولكن ابن عمر كان يأتيه فيسلم عليه وعلى صاحبه عند قدومه من السفر، وقد يكون فعله غير ابن عمر أيضاً.

فهكذا رأى من رأى من العلماء هذا جائز، اقتداء بالصحابة رضي الله عنهم وابن عمر كان يسلم، ثم ينصرف ولا يقف يقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا ابت ثم ينصرف ولم يكن جمهور الصحابة يفعلون كما فعل ابن عمر بل كان الخلفاء وغيرهم يسافرون للحج وغيره ويرجعون ولا يفعلون ذلك إذا لم يكن هذا سنة سنها لهم، وكذلك أزواجه كن على عهد الخلفاء وبعهدهم يسافرون للحج، ثم ترجع كل واحدة إلى بيتها كما وصاهن بذلك وكانت امداد اليمن الذين قال اله فليهم: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (المائدة ٠٥٤)

على عهد أبي بكر وعمر يأتون أفواجاً من اليمن للجهاد في سبيل الله، ويصلون خلف أبي بكر وعمر في مسجده، ولا يدخل أحد منهم إلى داخل الحجرة ولا يقف في المسجد خارجاً منها لا لدعاء ولا صلاة ولا سلام، ولا غير ذلك، وكانوا عالمين بسنته كما علمهم الصحابة والتابعون وأن حقوقه ملازمة لحقوق الله، وإن جميع ما أمر الله به وأحبه من حقوقه وحقوق رسوله فإن صاحبها يؤمر بها في جميع المواضع والبقاع، فليس الصلاة والسلام عليه عند قبره، بأوكد من ذلك في غير ذلك المكان، بل صاحبها مأمور بها حيث كان إما مطلقاً وإما عند الأسباب المؤكدة لها كالصلاة والدعاء والأذان، ولم يكن شيء من حقوقه ولا شيء من العبادات هو عند قبر أفضل منه في غير تلك البقعة، بل نفس مسجده له فضيلة لكونه مسجده)) .


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>